مُخَاطَبَةُ الدَّوافِعِ الخَيِّرَةِ في النَّاسِ

سوسن بدّاح خياميّ/ لبنان
عدد المشاهدات : 223

يقول الإمام عليّ(عليه السلام): «كفى بفعل الخير حسن عادة»(1)، في داخل كلّ إنسان نفحات من الخير والنبل مهما كانت حاله، خيّراً كان أو شرّيراً، فحتّى ذلك الشرّير حينما تُخاطب جذور الدوافع النبيلة الموجودة فيه وتتوسّل بها في تعاملكَ معه، فإنّه يشعر في قرارة نفسه أنّكَ ذو فضل عليه وأنّكَ تقدّره وتحترمه، ومن ثمّ فإنّه يخجل من ألّا يتعامل معكَ بطريقة لائقة، فكيف بالإنسان الخيّر؟ يؤكّد علماء النفس على أنّ الدوافع النبيلة أكثر استيقاظاً في الإنسان الخيّر منه في الشرّير؛ لأنّ الأوّل هو البيئة الصالحة للخير، ومن هنا فإنّ التوسّل بالدوافع الحسنة في الناس ومخاطبتها هي طريقة حكيمة للتعامل معهم وجذبهم والتأثير فيهم. فمثلاً إذا قلتَ لشخص ما إنّني أثق بكَ، وأصدّق وعودكَ، فإنّه حتّى لو كان خلاف ذلك فلا بدّ من أنّه سيحاول أن يحتفظ بتلك الصورة التي ارتسمت عندكَ عنه، ومثلما يُقال حينما تبني للإنسان قصراً من زجاج في قلبكَ، فلن يحاول أن يرميه بحجر، وحينما تطلب من إنسان القيام بعمل ما، وتبدأ طلبكَ بأن تقول له: إنّني أتوسّم فيكَ الخير، وإنّي لواثق من أنّكَ لن تردّ طلبي، فإنّه سيلبّي طلبكَ ولن يردّكَ خائباً، لأنّكَ رسمتَ له صورة جميلة في ذهنكَ وتوسّلتَ بدوافع النبل بداخله. وما من إنسان إلّا ويحبّ الخير في قرارة نفسه، والتعامل معه على هذا الأساس يجعل سلوكه يتّجه نحو العمل الصالح، ومن جهة أخرى فإنّ الإنسان تحت ظروف خاصّة كتحقيق منافع أو كسب رضا شخص ما، قد يُميت دوافع النبل والخير فيه، مثلما حصل في قصّة ولدي مسلم بن عقيل  الصغيرين، فكلّما توسّل الغلامان بدوافع النبل في ذلك الجلّاد، أصرّ الأخير على تنفيذ القتل حتّى استُشهدا. فحتّى تتعامل مع الناس بحكمة ونجاح وتكسبهم إلى جانبكَ، اعمل على مخاطبة دوافع النبل والخير فيهم. ........................... (1) ميزان الحكمة: ج7، ص246.