كَيفَ هُوَ العِيدُ؟
عيدي! هو التردّد في قراءة الندبة.. اللغم الذي ينفجر في القلب، دمعات تختبئ تحت سطح الجفون، وضجيج يملأ رأسكَ لا بضحكات الآخرين ومزاحهم، بل بالسلام والحديث معه، ومع نفسكَ إن كنتَ حقًّا قد أبليتَ بلاءً حسنًا كي تستحقّ العيد، ثمّ الابتسام والابتسام والصمت الكثير.. لأحد الغرباء.. ثم إنّكَ لم تستطع أن تنمْ تلك الليلة، فالحريق الذي يشتعل في صدركَ يملأ رئتيكَ بالدخان، يتكاثف على جفونكَ عابرًا خدّيكَ، فشعرتَ حينها أنّكَ قد كبرتَ.. كبرتَ كثيرًا.. قفزتَ سلالم زمنيّة لا تتذكّر عددها.. هكذا دفعة واحدة.. وهِنتَ فجأة!.. أنتَ الذي لطالما اعتدتّ على الانكسارات المدويّة فيكَ ووقفتَ أمامها كمنزل يابانيّ اعتاد على مثل هذه الهزّات، لم تعد تحتمل أصابع الزمن الرماديّة التي تقبض عليكَ وتسحب السكّر والماء من قلبكَ، ولأنّكَ ترفض هذا الواقع لم يتأتَّ له أن يُميت فؤادكَ الورديّ، بل صيّره إلى فاكهة مجفّفة!.. تساءلتَ وتساءلتَ وأنتَ تحدّق في وجه السماء غاضبًا. أيّتها الأقدار اللامبالية، لماذا تطلّين عليّ فقط من بعيد؟ وجال في خاطركَ أن تتحدِّث مع الله تعالى لكنّكَ شعرتَ بالتيه والإحباط عن أيّة محاولة.. كرحّالة منهك، سقط في كهف، فلمح من بعيد فجوة من نور، ركض وركض حتّى قاربها وإذا بها كوّة في شلّال عظيم.. تماماً مثلما يحدث في أفلام المغامرات. ثم تنهّدت بحزن وتذكّرتَه! تذكّرت أنّه لايزال على قيد الحياة وأنّه يراكَ، وأنّه يسمع النداء، وأنّه يجيب وأنّه رفيق وأنّه قريب وأنّه.. وأنّه... حينها كان هو وحده مَن ينظر إليكَ من مكانه.. تنعكس صورتكَ المنكسرة في بريق عينيه.. يمدّ كفّه باتجاه قلبكَ.. ويتمتم بِورد النور.. ثمّ أعياكَ التعب وغفوتَ مرهقاً ونسيتَ تلك الليلة إلّا أنّها قد ومضت في ذاكرتكَ الآن لذا ها أنتَ تُدرك كيف تمكّنتَ من المضيّ وقتها ولذا ربّما أنتَ الآن تبتسم وتبكي في آن واحد..