نَحوَ حَياةٍ أُسَرِيَّةٍ هَانِئَةٍ
قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)، هذه الآية تضمّنت قاعدة كبيرة لقيام الحياة الزوجيّة وتحقيق أهمّ غاية من غايات الزواج، وهو توصيف في منتهى الروعة، إذ بيّنت سكن الزوج إلى زوجته، والزوجة إلى زوجها، وقد بيّن الله (سبحانه وتعالى) أنّ الأصل في العلاقة بين الزوجين هو المودّة والرحمة، وحين فَقد هذه الأشياء، فعلى الزوجين البحث عن سرِّ هذا الفقد، وهذا لا ينفي أن تقع مشكلات داخلَ البيوت، لكن هناك فرق بين الأمر العارض اليسير وبين المشكلة المعقّدة. حديثنا اليوم بشأن الحياة الزوجيّة، وكيفيّة احترام خصوصيّة كلّ زوج للآخر، وما طرائق صناعة السعادة لدى بعض الزوجات، تجارب وآراء استطلعتها مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) بشأن هذا الموضوع: الثقة هي الأساس عبّرت السيّدة أمّ عليّ/ خرّيجة إدارة واقتصاد قائلةً: يجب على الرجل والمرأة بعد اختيار كلٍّ منهما للآخر الثقة ببعضهما، ويجب أن تكون الثقة شاملة لكلّ مجالات الحياة، لذا فمنذ اليوم الأول للحياة الزوجيّة على الزوجين بذر الثقة لتنمو وتزهر حياتهما، وغرس الاحترام المتبادل ليهنأ العيش، ومن الأمور التي يجب مراعاتها واحترامها هو خصوصيّة كلّ منهما، وعدم ارتكاب حماقة التجسّس، فيتعكّر العيش وتقبل عليهما المنغّصات، لذا فالثقة من أهمّ أسس الحياة الزوجيّة السعيدة. مودّة ورحمة زينب الموسويّ/ خرّيجة كلّية العلوم الإسلاميّة: الزواج هو رابط مقدّس يقوم على عدّة أُسس، وهي عبارة عن حقوق وواجبات واحترام ومودّة وحبّ، والعشرة بالمعروف وحسن الخُلُق، والأزواج هم أكثر الناس حاجة إلى حسن الخُلُق، ويعدّ من أسس العيش الرغيد بين الأزواج بصورة خاصّة والناس بشكل عامّ، وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "إنّ البرّ وحُسن الخُلق يعمرانِ الديار ويزيدانِ في الأعمار"(1)، ومن الواضح أنّ ذلك صحيح، فحسن الخُلُق مع الوالدينِ والزوجة يعمران ديارهم، فإذا أحسن الزوج خُلُقه مع زوجته أحسنت خلقها معه، وعاشا براحة وعمرت ديارهما، واستقرّت معيشتهما، ويعيشان بانسجام إلى آخر حياتهما. الاختلاف مكمّل هبة الربيعيّ/ خرّيجة كلّية العلوم: لا توجد حياة زوجيّة متكاملة ومتوافقة تماماً، لابدّ من وجود اختلاف بين الزوجين في أمور عديدة، وهذا شيء طبيعيّ، فكلّ واحد منهما نشأ في بيئة تختلف عن شريكه، ولكلّ منهما شخصيّة مختلفة، لذا على الزوجين احترام ذلك الاختلاف، وعدّه من التميّز، والأفضل عدم التركيز على السلبيّات، فالاختلاف لا يعدّ مشكلة في حدّ ذاته، وإن أدّى إلى حصول مشكلة، فيكون حلّها بشكل عقلائيّ ومنطقيّ، ولا تأخذ أكبر من حجمها، وفي أحيان كثيرة يكون اختلاف وجهات النظر والآراء مكمّلاً للطرفين، ولكنّ العناد والاعتداد بالرأي يحوّله إلى مشكلة. جلسات مصارحة أمّ زهراء/ معلّمة: من طرائق ديمومة الحياة الزوجيّة المستقرّة السعيدة هي عقد جلسات مصارحة بين الأزواج أو العائلة، وتكون بهدوء ورويّة، مع استثمار المناسبات السعيدة كعيد الزواج، أو الأعياد الكبرى، وولادات الأئمة (عليهم السلام)، وحبّذا لو يكون النقاش بشكل هادئ يهدف إلى تنظيم الحياة، ومعالجة الأمور السلبيّة التي تعكّر صفو الحياة الأسريّة، لأنّ إهمالها سيؤدّي إلى أسوء الاحتمالات، لذا على الأسرة الاهتمام بعقد جلسات كهذه؛ لتوطيد العلاقات وتجاوز الأوقات العصيبة. زواج ناجح أمّ فاطمة/ مدرّسة اللغة العربيّة: كلّ شيء في الحياة يحتاج إلى سعي حتّى يتحقّق المبتغى، ونجاح الحياة الزوجيّة واستقرارها من أهمّ ما يجب السعي إلى تحقيقه والاهتمام به من قِبل الزوجات في الدرجة الأساس، تستطيع المرأة أن تكون عوناً لزوجها في مواجهة ظروف الحياة وتساعده على تحمّل الأعباء، ولا تثقل كاهله، ولا تحمّله ما لا طاقة له حتّى لا تتسبّب في خسارته، ولا تكن أولى اهتماماتها بهرجة الحياة وزينتها، وعليها الالتفات إلى ما يقاسي زوجها من ظنك العيش وتردّي الأوضاع الاقتصاديّة مثلاً، لا بدّ من تذكير المرأة بأنّها أنثى، وهي حاملة لكلّ صفات العطف والحنان واللين، وهي صاحبة الفنّ في جعل زوجها سعيداً وبيته جنّته وملاذه الآمن، وبذلك تستمرّ الحياة لسنوات بهناء واستقرار. بطبيعة الحال كلّ إنسان يسعى إلى الحياة السعيدة، وبخاصّة مع شريك الحياة المتمثّل بالزوج أو الزوجة، لكون أحدهما أساس السعادة والراحة والاستقرار للآخر، لذا من الضروريّ مراعاة الاختيار منذ البداية، ويكون خياراً مدروساً ليتحقّق رغد العيش، إنّ الزوجة هي قرينة الرجل وشريكة حياته، فحين الإقبال على الزواج يجب اختيار زوجة صالحة لتحقيق حياة منسجمة تتحقّق فيها السعادة المنشودة، وكذلك الزوجة مُلزمة باختيار شريك يتّقي الله (سبحانه وتعالى) ويراعي حدوده، فالزوجانِ مطالبانِ بتوفير حياة مستقرّة لأطفالهما وتكوين أسرة تعود بالنفع على المجتمع، وتُسهم في رقيّه وتطوّره. الزواج رابط مقدّس لا يثمّن بالمال والشهادات، إنّما هي علاقة متينة يجب أن تكون قائمة على تقوى الله (سبحانه وتعالى) واتّباع منهج أهل البيت (عليهم السلام)، فالزواج وإن كان ظاهرهُ قضيّة شخصيّة؛ لكنّه في نتاجه قضيّة اجتماعيّة كبرى، مساحتها العالم الذي نعيش فيه، وبما أنّ الحديث موجّه إلى النساء فكوني عزيزتي الزوجة السكينة لزوجكِ، وتأمّلي قول الإمام الصادق (عليه السلام): "خير نسائكم التي إن غضبت أو أُغضبت قالت لزوجها: يدي في يدكَ، لا أكتحل بغمضٍ حتّى ترضى عنّي".(2) .................................... (1) ميزان الحكمة: ج3، ص110. (2) وسائل الشيعة: ج20، ص 48.