الاقتِصادُ نِصفُ المَؤُونَةِ
نبأ: أمّي أُريد ملابس جديدة لحضور الحفلة مع صديقاتي. أمّ نبأ: حبيبتي أنا لا أبخل عليكِ، لكن لديكِ ملابس كثيرة، وبعضها لم ترتديها إلّا مرّة واحدة. نبأ: أريد ملابس لم أرتدِها أمام صديقاتي من قبلُ. أمّ نبأ:سبحان الله تعالى، وهل من المفروض أن تكون الملابس للاستعمال مرّة واحدة؟ يقول الإمام عليّ (عليه السلام): "ما فوق الكفاف فهو إسراف".(1) ها هنّ خالاتكِ حضرنَ ومعهنّ بناتهنّ فلنتبادل الأفكار ونتشارك الرأي... أمّ عليّ (ممسكة بيد نبأ): هل تتصوّرين يا حلوتي أنّ مقياس الجمال والأناقة فقط في ارتداء الجديد؟ أمّ جعفر: إنّ السعادة لا تتوقّف على الملابس الجديدة أو الفاخرة. أمّ حسين: من صفات المؤمن، بل كلّ عاقل واثق من نفسه الاعتدال في كلّ شيء، ومنها الملبس، فالمبالغة تؤدّي إلى الإسراف. أمّ زهراء: و"الإسراف مذموم في كلّ شيء إلّا في أفعال البرّ"(2)، مثلما يقول مولانا أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام). أمّ نبأ:ومن البرّ إكرام الضيف ومساعدة المحتاج و... نبأ: "بدعابة ودلال" أليس من أعمال البرّ إسعاد البنات؟ أمّ نبأ: بلى حبيبتي، ولكن لديكِ ما لم تحصل عليه كثير من مثل عمركِ، لا أريد أن تكوني شَرِهة.. فعن الإمام المجتبى (عليه السلام): "الفقر شَرَه النفس إلى كلّ شيء".(3) أمّ عليّ:حبيبتي ماذا تفعلينَ بهذا الكمّ من الملابس؟ فمع مرور الوقت ستذهب فرحة الملبس الجديد؛ لأنّه يتكرّر لديكِ بمناسبة أو بغيرها. أمّ حسين: مسألة مهمّة يجب الانتباه إليها بصفتنا أمّهات وبنات وهو دورنا في تدبير الأمور الماليّة والاقتصاديّة في بيوتنا. أمّ جعفر: طبعاً إنَّها مسؤوليّة أمام الله والأسرة، لذا فمن الضروريّ الانتباه إليها ومراعاتها.. أمّ زهراء: مثلاً الحرص على الإنفاق بقدر الحاجة الفعليّة.. حتّى في إعداد الطعام للعائلة أو شراء حاجات المنزل. أمّ نبأ: بكلّ تأكيد، ولا نتتبّع ماذا اشترت هذه أو تلك، وعدم الإصرار على متابعة الإعلانات بحجّة أنّ هذا هو الرائج. أمّ عليّ: المرأة الحريصة المحافِظة على بيتها هي التي تجعل من قول الإمام عليّ (عليه السلام): "الاقتصاد ينمّي اليسير، الإسراف يفني الكثير"(4)، شِعاراً لها في تدبير أمور البيت. أمّ حسين: أو مثلاً الاستفادة من الأشياء القديمة عبر تدويرها. أمّ جعفر: وهذا أيضاً يجلب الرزق ويبارك الله (سبحانه وتعالى) فيه، فعن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "مَن اقتصد في معيشته رزقه الله".(5) نبأ: أمّي.. خالاتي المحترمات.. ماذا عنّي؟ أمّ زهراء: اسألي زهراء. أمّ جعفر:اسألي زينب. زهراء: لديّ ملابس جميلة كأنّها جديدة، أضفت عليها بعض الإكسسوارات.. و - أردفت بثقة - إذا رأيتها لن تتذكّري أنّكِ رأيتها من قبل. زينب: قبل مدّة اشترت لي أمّي ملابس ولم تحصل فرصة لارتدائها، فهي تصلح للمناسبات فقط، وجاء دورها في الحفلة إن شاء الله تعالى. نبأ: ماذا يعني ذلك..؟ زينب وزهراء بصوت واحد: الحليم تكفيه الإشارة. فيما أخذت الفتاتان نبأ إلى غرفتها وسط نقاشات حادّة لكنّها بريئة، عاودت الثلّة الطيّبة مجلسها المعتاد. ................................. (1) مستدرك الوسائل: ج15، ص222. (2) المصدر السابق نفسه. (3) ميزان الحكمة: ج8، ص97. (4) عيون الحكم والمواعظ: ج1، ص32. (5) مستدرك الوسائل: ج15، ص215.