رياض الزهراء العدد 170 لحياة أفضل
أَشعِرْ الآخرينَ بِأهمِيّتِهِم
يقول الإمام عليّ (عليه السلام): "خالطوا الناس مخالطةً إن متّم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنّوا إليكم"(1)، ما أشبه قلوب بعض الناس بالسباع التي لا تُؤلف، ولكن ما إن تبدأ باستئناسها حتّى تتحوّل إلى حمائم أليفة تحتشد حولكَ حبّاً، هكذا هي قلوب الناس، فمن غير المعقول أن نكسب ودّ إنسان من دون أن نُشعره بأهميّته، ومن ألطف الأمور في إشعار الإنسان بأهميّته هي ذكر صفاته الطيّبة، مثلاً عندما نلتقي بعامل النظافة نقول له إنّ العمل الذي يقوم به هو دور اجتماعيّ عظيم، وإنّه ينشر النظافة في الشوارع، ويترك أثراً جميلاً في الأماكن، هذه الكلمات البسيطة تزيده ثقةً بنفسه، ويشعر أنّ المجتمع متعاون معه، وإن كان مقصّراً في عمله فإنّكَ بكلماتكَ تجعله نشطاً في أداء مهامّه، ومن ثمّ سيقدّم لكَ التقدير والاحترام ويذكركَ بالخير. إذاً فلكي تتعامل مع الناس بنجاح، اخلق فيهم الرغبة وأشعرهم باهتمامكَ بهم عبر تعداد الصفات الطيّبة لكلّ إنسان، وامنح تقديركَ المخلص النابع من القلب ولا تتملّق، المَلَق يصدر من اللسان على عكس الإخلاص الذي يصدر من القلب، وبكلّ الأحوال كن وفيّاً منصفاً في المدح والثناء، ولا تكن مسرفاً فيه، وكن مكثراً في تقديركَ للناس. يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "جُبِلت القلوب على حبّ مَن أحسن إليها، وبغض مَن أساء إليها"(2)، من هنا لا يمكننا تكوين علاقات وصداقات إلّا إذا أحسنّا إلى الناس وأظهرنا اهتمامنا بهم، وتعاملنا معهم على أساس صدق النيّة والإخلاص، وهذه مبادئ تعلّمناها من أئمتنا (عليهم السلام)، حيث كانوا يهتمّون حتّى بأعدائهم فضلاً عن محبّيهم ومريديهم، رفقاً بهم، وتحنّناً عليهم، ومن أجل إصلاحهم، ولكي لا يدخلوا جهنّم بسببهم، وكثيراً ما كان الإمام الحسين (عليه السلام) يُظهر الاهتمام بأعدائه ويشفق عليهم، حتّى بكى في يوم عاشوراء، ولمّا سُئل عن السبب أجاب: "إنّني أبكي على هؤلاء لأنّهم يدخلون النار بسببي"(3)، فإذا أردتَ أن تكسب الناس إلى جانبكَ فكن حكيماً في أن تلتزم الجانب الإنسانيّ معهم، وأن تقدّم خدماتكَ واهتمامكَ لهم بكلّ إخلاص. ........................... (1) نهج البلاغة: ص479. (2) بحار الأنوار:ج74، ص140. (3) بنور فاطمة (عليها السلام) اهتديتُ:ج12، ص15.