رياض الزهراء العدد 170 الحشد المقدس
حِوارٌ عَن الحَشدِ المِغوارِ
البندقيّة: وأخيراً بعد نفاد الصبر حملتني الزنود السمر. الشاجور: أنا أكثر فرحاً منكِ وقد ضاق ذرعي بهؤلاء الجبناء. البندقيّة: حانت ساعة الصفر يا صاحبي، وها قد عدنا إلى التحامنا معاً تمتطينا سواعد الشرف والإباء. الشاجور: مستودعي جاهز ومتحفّز لإبادة هؤلاء الأشرار اليوم وفي كلّ زمان. البندقيّة: آهٍ.. قد كان ليلاً قاتماً طال نزفه. الشاجور: نعم.. لكن سرعان ما ارتصّت الصفوف بعد أن اجتاحت الفتوى المباركة قلوب الأحرار. البندقيّة: ها هم يتدفّقون من الأرحام الحرّة، يحملون قضيّتهم بواعز فكرهم النيّر الوضّاء. الشاجور: سنصوب معاً طفقاً على الرؤوس والأعناق، بإزاء ما شهدناه من جرم وانتهاك. البندقيّة: فعلاً.. لقد كان حلم المرجعيّة كبيراً، وما أن نطقت بالحقّ حتّى تراصّت الجموع تترى تبتغي الشهادة والفداء.. الشاجور: لا أخفيكِ، كنتُ أتحرِّق شوقاً لاخترق تلك الجماجم القذرة، وأبقر أجسادهم النجسة. البندقيّة: وها نحن اليوم نتعاضد في أيدي أبطال الحشد، وننتقل من يد إلى أخرى نُبيد جموع العفن والرذيلة. الشاجور: معاركنا تزداد تألّقاً في سماء الحريّة والشرف، وقد بذل الجميع الغالي والنفيس مترجمين للمرجعيّة الطاعة والامتثال، وللوطن الحماية والحفظ، ولحياض الدين الكرامة والعزّة. البندقيّة: ربّاه.. كيف سيكون حال الوطن لو لم تصدر تلك الفتوى المباركة؟ الشاجور: لكان قد قُرِأ علينا السلام، وأصبحنا نسياً منسيّاً. البندقيّة: كنّا لا نعدّ شيئاً سوى كومة حديد صدئة، حتّى استنهضتنا تلك السواعد وتلاقفتنا ذات اليمين وذات الشمال، فرددنا الحقّ إلى أهله، وطردنا جمع الخفافيش السود الذين عاثوا في الأرض الفساد. الشاجور: لم تكن المرّة الأولى لي في التصويب والانطلاق، ولكنّ المختلف في الأمر أنّ مَن كان يُطلقني يزأر كالأسد، ويرعد كالإعصار المدويّ، كنتُ أشعر بحرارة تلك السواعد، وأتلمّس نبضات شرايينهم المتدفّقة حماساً وعزماً. البندقيّة: أنا في الحيرة نفسها يا صاح! فقد حملني الصبيّ الذي لم يبلغ الحُلم بعد، ورفعني الشيخ الكهل، وعانقني العسكريّ الحاذق والمدنيّ المستجدّ، لكنّهم في ساحة الوغى سواسية، العامل المشترك بينهم عبق الغيرة والحميّة، حقيقة اعترف بها القاصي والداني، اللئيم والكريم. الشاجور: لأجل هذا حُسِم النصر للأشراف الغيارى، وقُطع دابر الكافرين. البندقيّة: ولأجل عيون العراق رُخّص كلّ شيء. الشاجور: سنبقى في أغمادنا على أهبّة الاستعداد لأيّ إشارة من المرجعيّة العليا الرشيدة. البندقيّة: وسنظلّ على عهد الوفاء نستذكر أبطال الحشد وشهداءهم الأبرار في كلّ ميدان حرّ.