رياض الزهراء العدد 170 منكم وإليكم
نِسيانُ الأَلَمِ في تِعدَادِ النِّعَمِ
النسيان في الإنسان هو عملة ذات وجهين، وجه حَسَن ووجه قبيح، وبسبب انخراط الإنسان في الحياة الدنيا ومتطلّباتها قلّ توجّهه واستذكارُهُ لنِعم الله تعالى التي لا تُعدّ ولا تُحصى، هذه النعم المتوالية التي عبّر عنها الإمام زين العابدين (عليه السلام) ووصفها بأروع ما يتخيّله العقل البشريّ في مناجاة الشاكرين بقوله (عليه السلام): "إلهي أذهلني عن إقامة شكركَ تتابع طولكَ، وأعجزني عن إحصاء ثنائكَ فيض فضلكَ، وشغلني عن ذكر محامدكَ ترادف عوائدكَ وأعياني عن نشر عوارفكَ توالي أياديكَ".(1) هذه المناجاة التي تنطوي على أعظم أسرار الراحة والسعادة النفسيّة، هي الشعور بفضل الله (سبحانه وتعالى) وحمده وتعداد نعمه، وأعظم النِعم هي نعمة الإسلام والإيمان، ونعمة القرآن والعترة، ثمّ تليها نعمة الصحّة مثلما قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحّة والفراغ".(2) نعم خُلِق الإنسان في مراحل متعدّدة، فأصبح في أحسن تقويم، ولو دقّقتَ بكلّ خليّة لوجدتَ العجب العجاب.. هذه وغيرها الكثير ممّا نعلم وممّا لا نعلم هي الرزق، هذه الكلمة التي تقيّدت بأغلال سوء الفهم من قِبل البعض لتقتصر على المال فقط! فأصبح الغني والفقير يبحثان عن المال فقط، ويحزنهما فقده، بل البعض يحمل همّه إلى درجة إهمال نعمة الصحّة. وورد في الحديث القدسيّ أنّ الله تعالى يقول: "يا بن آدم في كلّ يوم يؤتى رزقكَ وأنتَ تحزن، وينقص عمركَ وأنتَ لا تحزن، تطلب ما يطغيكَ وعندكَ ما يكفيك".(3) فلندقّ جرس الانتباه، ولننسَ آلام الدنيا وهمومها بشكر المُنعم وتذكّر النِعم لتدوم، فدوامها بدوام الشكر. ........................................ (1) بحار الأنوار: ج91، ص146. (2) ميزان الحكمة: ج11، ص151. (3) بحار الأنوار: ج٧٥، ص٤٥٤.