بِرِعَايةِ حُقُوقِ المَرأَةِ.. نَكفلُ وَطَناً مُزدَهِراً

دعاء الحسيني
عدد المشاهدات : 236

المرأة هي أساس المجتمع، فهي مربّية للأجيال التي سيُبنى المستقبل على أساسها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهنّ إلا لئيم”(1) وأروع مثال يُضرب ويُقتدى به هي سيّدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) عن طريق سيرة حياتها المنيرة والخالدة التي ما تزال آثارها منتشرة إلى الآن لنرتوي منها الفضائل والحكم، فعلى الرغم من حياتها المليئة بالأوجاع ظلت صابرة محتسبة إلى الله تعالى، والمرأة العراقية استمدّت صبرها من صبر السيّدة الزهراء (عليها السلام) لما عانته من ظروف قاسية مليئة بالحروب والنكبات وعلى مرّ الأزمان، فظلت مجاهدة في سبيل تنشئة أولادها نشأة صالحة؛ ليعيشوا حياة هنيئة تخلو من الآلام والمآسي، فمن واجب الجهات المسؤولة كفالتها والاهتمام بها وتقديم المساعدة والمساندة لها. ففتحت لها فسحة أمل عن طريق دائرة رعاية المرأة فرع كربلاء المقدسة، وللإلمام بالجوانب المُهمّة التي تقدّمها هذه الدائرة للمرأة قمنا بزيارتها وتسليط الضوء على مفاصل العمل فيها، وحين دخولنا إلى الدائرة لفت أنظارنا بساطة المكان ومحدوديته وقلّة الموظفين أيضاً وعلى الرغم من زخم العمل لكننا وجدنا فرصة لنلتقي بمديرة دائرة رعاية المرأة في محافظة كربلاء المقدسة الست (نور خضير علي) التي أعطتنا جزءاً من وقتها الثمين، وفي البداية قدّمت لنا نبذة مختصرة عن المؤسسة حيث قالت: كانت دائرة المرأة تابعة لشبكة حماية الرعاية الاجتماعية، لكن لضخامة قاعدة البيانات حيث إنّ عدد النساء المشمولات كبير فقد تمّ الانفصال عن شبكة الحماية في نهاية عام 2010م، وفي بداية الانفصال كنّا تابعين إلى مكتب رئاسة الوزراء ولكننا الآن تابعون إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ودائرة رعاية المرأة هي دائرة تنفيذية تعمل على تنفيذ القوانين الخاصة بالوزارة للفئات المشمولة. وما هي الفئات المشمولة؟ الفئات المشمولة هي: 1. الأرملة: يُشمل أولادها القاصرون الذين تقل أعمارهم عن الثمانية عشر عاماً بصورة مباشرة. 2. المطلقة: يجب أن يكون قرار حضانة الأولاد القاصرين مرفقاً ببياناتها حين التقديم. 3. زوجة السجين المحكوم عليه لأكثر من سبع سنوات. 4. زوجة المفقود بعد أن ترفق مع بياناتها المطلوبة تأييداً بفقدانه. 5. العاجزة: المصابة بتخلّف عقلي أو شلل رباعي أو قد تكون مكفوفة وغير ذلك، فتُعرض على لجان طبية خاصة في دائرة الصحة حتى يثبت عجزها واضحاً للعيان. 6. يتيمة الأبوين: ربّة البيت وغير المتزوجة، ولم تُحدّد بعمر معين. وأي متقدمة تُرسَل بياناتها عن طريق رسمي إلى دائرة النفوس والتقاعد لمعرفة إن كانت مشمولة براتب تقاعدي أو لا. لماذا زوجة السجين الذي حُكم عليه لمدة أقل من سبع سنوات لا تُشمل بالقانون؟ لأن السجين المحكوم عليه لأقل من سبع سنوات قد يخرج من السجن بعفو ونحوه، وقد يتم شمولها أيضاً عن طريق كتاب رسمي صادر من الدائرة العامة في محافظة بغداد، وفي حالات خاصة أُخر. ما هي المميزات التي تقدّم للفئات المشمولة؟ تقدّم للمشمولات رواتب تُسلّم كلّ ثلاثة أشهر أي ما يقارب أربع دفعات في السنة، والتخصيصات المالية لكلّ شخص مبلغ قدره مائة ألف دينار ولكلّ طفل قاصر مبلغ خمسة وعشرون ألف دينار، والحد الأقصى لشمول القاصرين هو خمسة أطفال، وسيتمّ تسليم قطع أراضي وشملنا في الدائرة ألف مستفيدة وقد أعطوا وصولات لهم تمهيداً لتسليمهم الأراضي، وسيتم شمول ألف استمارة أخرى. هل تُمنح الأراضي لكل المشمولات لديكم؟ هناك فئات معينة تُشمل بهذه الأراضي وهن: الأرامل، والمطلقات، ويجب أن يكون لهاتين الفئتين أولاد قاصرون وعلى الأقل طفل واحد، وكذلك تشمل يتيمات الأبوين بشرط أن يكون عددهنّ من اثنتين فما فوق. وهل هناك امتيازات أُخر قيد التنفيذ؟ ستُمنح النساء قروض زراعية لتطوير المرأة الريفية، وسأكون مسؤولة عن لجنة الرعاية لترشيح المتقدّمات إلى المصرف ليُصادق عليها، وهذا الامتياز خاضع لتعليمات الشعب الزراعية، وهذه التعليمات والشروط مؤجلة ولم تقرّر بعد. كيف تتمّ عملية تقديم النساء لشمولهنّ بالمستحقّات الماديّة في الدائرة؟ مَهمّتنا الأساسية في دائرة رعاية المرأة هي استقبال الطَلبات الخاصة بالنساء المشمولات بالقانون، ونعمل على تلقّي البيانات المطلوبة الخاصة لكل المتقدمات؛ ليتم إرسالها إلى الدائرة العامة في بغداد، ليمنحوهنّ رقماً حكومياً لتعطى كلّ واحدة هوية رعاية وبطاقة ذكيّة يتم عن طريقها استلام الراتب المخصص لها. هل شرط من شروط الشمول في الدائرة أن تكون المتقدّمة من سكنة مدينة كربلاء المقدسة؟ كنّا نعتمد في الشمول أن تمتلك المتقدمة بطاقة تموينية صادرة من داخل المحافظة، والآن نعتمد في شمولنا على بطاقة السكن أو على تأييد السكن بشرط صدورها من المحافظة، فلا يتم شمول المتقدّمات من المحافظات الأُخر، ونمتلك قاعدة بيانات لكلّ المشمولات في بقية المحافظات ندقق عن طريقها إن كانت المتقدّمة مشمولة في غير مدينة أم لا. هل تمتلكون لجاناً تفقدية أو لجاناً مَهمّتها البحث عن النساء اللواتي يستحقن أن يُشملن بالقانون؟ هذه الأمور هي من واجبات الباحث الاجتماعي، ودائرتنا تفتقد لهذا الاختصاص لكي يقوم بواجبات كهذه، وإن كادرنا من الموظفين محدود، وعملنا الفعلي في الدائرة يمثلنا بصفة لجنة وليست دائرة، فمثلاً لدينا موظفة واحدة تعمل في الحسابات وفي المخازن في آن واحد. وهل تمّ تقديم طلب إلى الجهات المعنية تذكرون فيه حاجتكم من الموظفين لسد النقص الحاصل؟ نحن نجتمع مع المدير العام في الدائرة العامة في محافظة بغداد كلّ شهر، وعن طريقه نناقش الأمور الخاصة في الدائرة، وإن كلّ اللجان في جميع المحافظات تعاني من نقص الكادر، وستقدم الوزارة درجات وظيفية جديدة في هذه السنة، وعلى الرغم من زخم العمل الكبير لكن مهنتنا هي مهنة إنسانية، فنقدّم كلّ ما بوسعنا لخدمة النساء المستحقات. هل لديكم نشاطات أُخر في الدائرة وخاصة النشاطات التي تهدف إلى توعية المرأة وتثقيفها؟ نحن نتعاون مع دائرة الهجرة والمهجرين لمعرفة المهجّرات اللواتي قد يُشملن في الدائرة، ونتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لتقديم القروض للمشمولات، ونتعاون أيضاً مع مجموعة من المحامين يساعدون المتقدمات اللواتي لا يستطيعن إقامة دعوى تفيدهن في التقديم، كإقامة دعوى للحصول على تأييد بحضانة الأولاد أو لإقرار طلاق قديم وتكون خدماتهم مجانية، ولدينا نشاطات أُخر كإقامة دورة لتعليم المستفيدات القرآن الكريم في الدائرة. ما هي معوّقات عملكم؟ نعاني من نقص الكادر كما ذكرنا، وقد أُرسل لنا موظف من المصرف لتصدير البطاقة الذكية في داخل الدائرة، ولكننا نعاني من العطل المستمر في الأجهزة مما يؤخر سير العمل. ولتسهيل تسليم الرواتب يُسلّم الراتب بصورة يدوية عن طريق بصمة الإبهام. كلمة أخيرة أناشد عن طريق منبركم الضمير الإنساني لأهل المتقدّمة وأقاربها أن لا يتركوها تقدّم لوحدها وخاصة إن كانت امرأة عاجزة أو كبيرة في السن، فتأتينا نساء للتقديم لوحدهنّ، ومثال على ذلك جاءتنا امرأة كبيرة في السن وخرساء لتقدّم بياناتها، وكانت بياناتها غير مكتملة، ووجدنا صعوبة في التخاطب معها، وأخذنا رقم هاتف أهلها وكلّمناهم كي يأتوا معها، ورفضوا الحضور وحاولنا بكلّ ما نستطيع مساعدتها. وبعد خروجنا من مكتب المديرة تجوّلنا في أروقة الدائرة لنلتقي بالنساء المتقدّمات، ولننقل شكواهنّ، فالتقينا بالأخت أم محمود /أرملة، وتحدثت عن معاناتها قائلة: قدّمت في دائرة المرأة لأستلم حقوقي، وكنت أرجو أن أُمنح قطعة أرض، ولكن القانون لم يشملني؛ لأنني ليس لدي أولاد قاصرون، وأطلب من الجهات المسؤولة شمولي بقطعة الأرض؛ لأني فقيرة وأسكن في غرفة واحدة، أسكنوني فيها أصحاب الضمائر الحية. وتحدثت (ص،ح)/ أرملة، وشكت من ظروفها القاسية التي جعلتها تجدّد التقديم في الدائرة: لدي أولاد قاصرون وبعد زواج أولادي الكبار الذين كانوا يكفلون معيشتي اضطررت إلى التقديم في الدائرة، ومنذ مدة طويلة وأنا أراجع و إلى الآن لم أستلم الراتب المخصص لي. وبيّنت مديرة دائرة رعاية المرأة بخصوص شأن التأخير في استلام الرواتب أنه تقصير من قبل المتقدّمات بسبب حصول نقص في المعاملة وتأخرهنّ في جلب البيانات الناقصة، وإن كلّ المعاملات التي تقدّم إلى الدائرة العامة لا ترفض، وحتى حين تأخير صدور البطاقة الذكية يُسلّم الراتب بصورة يدوية. نأمل في تطوير هذا المشروع الحسن وتوسعته ليس بتقديم المساعدات المادية فقط وإنما جعل مؤسسات كهذه تسعى لتطوير المرأة بالجوانب الثقافية والاجتماعية المختلفة ودعمها وإنشاء مشاريع مستقلة خاصة بها؛ لأن المرأة العراقية بذلت كلّ مجهودها لينمو ويزدهر وطنها، ولهذا فهي تستحق الرعاية والاهتمام. .......................... (2) المرأة في ظل الإسلام، محمد بحر العلوم، ص75.