فِقْرةٌ وَوقفَةُ تَأمّلٍ عَلى أَعتابِ دُعاءِ النُّدبَةِ

فاطمة نعيم الركابي/ ذي قار
عدد المشاهدات : 215

وردت في دعاء الندبة هذه الفقرة: "أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكَذِبِ وَالاِفْتِراءِ"،(١) إذ نجد أنّها عبّرت عن وجود حبائل وليس حبلاً واحداً للكذب والافتراء، إشارةً إلى خطورة الكذب على مصير الفرد، وطبيعة شكل الحياة الاجتماعيّة في زمن الغيبة وعند الظهور، وأثرها لو امتدّت فينا، ولم يكن لنا دور في قطعها. وقد وُصِف الإمام بأنّه (قاطع)، وكأنّ مجرّد حضوره وظهوره (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيكون فعل قطع هذه الحبائل جارٍ لكلّ مَن كان يَكذب أو يُكذّب ويفتري في عقائد الناس العامّة، والخاصّة منها كالمهدويّة، فتُقطع الألسن التي تكلّمت أو انجرّت خلفها وتبنّتها، بتمام الحجّة عليهم، وزوال حُجب الظلمة التي كانت لا تُريهم نور إمامهم، مثلما يزداد ثباتاً مَن لم ينجرّ وراءها. والقطع جارٍ على المستوى الاجتماعيّ أيضاً، فإنَّ تَحصيل الإدراك بحجيّة الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وشهوده على بواطننا في زمن الغيبة والظهور يوجب العصمة والرقابة الأكمل في النفس، فلا يصدر منها إلّا الخير والصلاح. وفي ذلك تنبيه وتوجيه لنا كي نكون ممّن لهم دور في قطع هذه الحبائل الآن عبر التصديق والصدق، أي بتحقيق الإيمان النابع عن عقيدة راسخة وسليمة، فنحمي بذلك عقيدتنا، وإدراك رؤية الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لنا، فنتحلّى بالصدق، ونقطع كلّ كذبة تصل إلينا، فلا نُسهم بنشرها، لنقلّص بذلك من مساحة الفساد الاجتماعيّ. ................................................. (1) مفاتيح الجنان: ص٥٩١.