رياض الزهراء العدد 171 لنرتقي سلم الكمال
الأَدَبُ مَعَ العُلَماءِ
قال الله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) (فاطر:32). إنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرهم في الأرض والسماء، فهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى. لذلك كان الأدب معهم من أعظم القُربات، وتعظيمهم من تعظيم الحرمات لقوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُو خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (الحجّ:30)، ورُوي عن رسول الله(صل الله عليه وآله) أنّه قال: "العلماء ورثة الأنبياء"،(1) العلماء هم الذين ورثوا العلم وأوقفوا أنفسهم على حفظ الشريعة، وهداية الناس، فهُم صمام الأمان للأمة، ولا تتخلّص الأمة من غياهب الجهل، ولا تتقدّم في معارج الحياة ما لم يكن فيها معلّمون ذوو اختصاص يديرونها، فيصلون بهم إلى حياة العزّ والسؤدد، فإساءة الأدب معهم هو إساءة إلى الله تعالى؛ لأنّ ما عندهم هو من كتاب الله وسنّة رسوله(صل الله عليه وآله) . ولو دقّقنا النظر في آيات القرآن نجد أنّ الله تعالى بما له من مقام العظمة حين يخاطب عباده يراعي الآداب بتمامها، ورُوِي عن رسول الله(صل الله عليه وآله) أنّه قال: "أدّبني ربّي فأحسن تأديبي".(2) فالأحرى بنا أن نكون نحن أيضًا على مستوى عالٍ من الأدب مع الآخرين وبخاصّة مع العلماء؛ لأنّ العالم أب روحيّ، واحترامه وطاعته واجب علينا. جاء في رسالة الحقوق للإمام السجّاد(عليه السلام) حقّ العالِم، نذكر منها: 1- التعظيم له والتوقير لمجلسه. 2- حسن الاستماع إليه. 3- لا ترفع صوتكَ عليه. 4- أن تدافع عنه إذا ذُكر عندكَ بسوء. 5- لا تجالس له عدوّاً ولا تعادي له وليّاً.(3) ولكن ويا للأسف ما نسمعه اليوم، ونقرأه على مواقع التواصل من التهجّم والاستهزاء بعلماء الدين أمر خطير، يسعى إلى نشره أعداء الإسلام؛ لأنّهم أدركوا أنّ قوة الأمة الإسلاميّة باتّباعها لعلمائها وقادتها الربّانيّين؛ لذا علينا أن ننتبه ولا ننجرّ وراء هذه المخطّطات، فننشر ونردّد كلّ ما يصلنا من هنا وهناك، وينبغي أن نستعمل عقولنا عند الكلام، فأيّ عقل يدفع الإنسان إلى الإساءة للعالِم؟ رُوي عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه قال: "ليس شيء ممّا خلق الله صغيرًا وكبيرًا إلّا وقد جعل الله له حدّاً".(4) أي إنّ كلّ ظاهرة مهما صغرت أو كبرت، فلها مجموعة من الآداب، حتّى النوم والأكل، فالآداب الإسلاميّة تستوعب الحياة الإنسانيّة كلّها طولاً وعرضاً، والغاية من الآداب هو تحقيق السعادة الكاملة للإنسان. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتأدّبين بآداب الإسلام لنصل إلى الكمال. الأسئلة: س1/ مَن القائل: "ليس منّا مَن لم يوقٍّر كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر"؟ 1-النبيّ محمّد(صل الله عليه وآله) 2-النبيّ عيسى (عليه السلام) 3-الإمام عليّ (عليه السلام). س2/ مَن القائل: "مَن لم يكن عقله أكمل ما فيه كان هلاكه أيسر ما فيه"؟ 1- الإمام الحسين(عليه السلام) .2- الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام). أجوبة موضوع التوازن بين العقل والعاطفة: ج1- أن تكون إنسانًا. ج2- الشيخ محمّد تقيّ الفلسفيّ. .......................... (1) الكافي: ج1، ص34. (2) ميزان الحكمة: ج1، ص58. (3) مكارم الأخلاق: ص420. (4) ميزان الحكمة: ج1، ص554.