نِعمَ قَرينُ الإيمانِ العِلمُ

فاطمة صاحب العوادي/ بغداد
عدد المشاهدات : 263

(ما أحسن أمّ محمّد وما أقوى عزيمتها! بارك الله تعالى فيها)، هكذا ابتدأت أمّ حسين كلامها ثمّ أردفت: لم تكتفِ بذلك، بل شجّعت ابنتها وحفيدتها للمشاركة معها في حضور دروس الدورة التي تُقام من أجل التعريف بأحكام الدين وتلاوة القرآن الكريم، وكذا الاطّلاع على سيرة أهل البيت الكرام (عليهم السلام). أمّ زهراء "بإعجاب وسرور": حبيبتي.. اللهمّ متّعها بالصحّة والقوّة.. إنّها كبيرة في السنّ.. ولكن لها حماس الشباب. أمّ زهراء: هذا يجعلها قدوة حسنة لطلب العلم والتفقّه في الدين، مثلما ورد عن أهل البيت الأطهار :(عليهم السلام) "تفقّهوا في دين الله، فأنّ الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة، والسبب إلى المنازل الرفيعة والرُتب الجليلة في الدين والدنيا".(1) أمّ عليّ: ما شاء الله تعالى، الذي يزيدها إكباراً أنّها حريصة على ألّا تضيع معلومة، ولا تترّدد في السؤال. أمّ جعفر موجّهة كلامها إلى أمّ محمّد: ما الذي دعاكِ إلى اتّخاذ هذا القرار؟ أمّ محمّد: كنتُ قد حضرتُ مجلساً، وسمعتُ حديثًا عن الإمام الصادق(عليه السلام): "العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا تزيده سرعة السير إلّا بُعداً"،(2) فأثار هذا الكلام في قلبي الخوف، ودعوتُ الله(عز وجل) أن يسهّل لي طريقًا أطمئنّ به على صحّة عبادتي، وأنتهل من علوم أهل البيت الأطهار (عليهم السلام)، ويستضيء قلبي بسيرتهم العطرة. أمّ زهراء: خيرًا فعلتِ، فأنتِ إن شاء الله مؤمنة (ونِعمَ قرينُ الإيمان العلم)،(3) الإيمان والعلم قرينان لا يستغني أحدهما عن الآخر. أمّ جعفر: ألا تخشين على نفسكِ من التعب؟ فأنتِ قد تركتِ الدراسة منذ وقت طويل.. أمّ محمّد: ما أعذبه من تعب، وما أروعها من أوقات تلك التي أحصل فيها على معلومة جديدة تنفعني في صلاتي، أو تصحّح قراءتي للقرآن. أمّ حسين: نحن نغبطكِ على ما أنتِ فيه وندعو لكِ بالمزيد، فطلب العلم من الأمور التي حثّ عليها القرآن وأكّدتها أحاديث أهل البيت الأطهار (عليهم السلام). أمّ محمّد: نعم، فعن النبيّ " :(صل الله عليه وآله)طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة".(4) أمّ عليّ: أحسنتم، إضافة إلى ما وعد الله تعالى من الثواب الجزيل، ورفعة المراتب عنده تعالى. أمّ زهراء: نعم، ومن علوّ منزلة طالب العلم ما ورد عنه (صل الله عليه وآله): "إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً به".(5) أمّ حسين: والأعظم من ذلك تلك البشارة التي هي غاية ما نريد في قوله (صل الله عليه وآله): "لا يخرج أحد في طلب العلم إلّا وملك موكل به يبشّره بالجنّة".(6) أمّ محمّد: ولذلك أحببتُ أن تشاركني ابنتي وحفيدتي ذلك الفضل العظيم من الله تعالى، بل إنّي أشجّع كلّ مَن حولي على طلب العلم. أمّ جعفر: بُوركتِ، فالعلم يهدينا إلى إصلاح ديننا ودنيانا ونكتسب به الفضائل، فعن الإمام عليّ (عليه السلام): "غاية الفضائل العلم".(7) أمّ عليّ: ينبغي الانتباه إلى مسائل مهمّة أكّدت عليها أحاديث العترة الطاهرة(عليهم السلام)، أولها ما ورد عن الإمام عليّ (عليه السلام): "خير العلوم ما أصلحكَ"،(8) فلا نكتفي باكتساب المعلومة، بل نستفيد منها لإصلاح حالنا. أمّ زهراء: والثانية أن نزكّي ما تعلّمناه عملًا بقول الإمام عليّ :(عليه السلام) "زكاة العلم تعليمه".(9) سمعت الثلّة الطيّبة طرقات هادئة على الباب.. دخلت امرأة وقور وفتاة، وبعد إلقاء التحيّة قالتا لأمّ محمّد وبصوت واحد: هل نسبقكِ هذه المرّة أيّتها الطالبة المجدّة؟ إنّه موعد الدرس.. ........................................ (1) بحار الانوار: ج78، ص321، باب19. (2) مستدرك سفينة البحار: ج1، ص432. (3) غرر الحكم: ص9899. (4) مستدرك سفينة البحار: ج1، ص179. (5) المصدر نفسه: ج1، ص343. (6) تذكرة الأخبار: ص162. (7) غرر الحكم ودرر الكلم: ج1، ص6. (8) غرر الحكم ودرر الكلم: ج1،ص5. (9) عدّة الداعي: ص63.