رياض الزهراء العدد 171 لحياة أفضل
كيفَ تُحَوِّلُ الأَلمَ مِن ضُعفٍ إلى قُوّةٍ؟
الإنسان عموماً عرضة للبلاء والامتحان، سواء كان في المال أو العلم أو إذا أُصيب بمرض في بدنه. ولابدّ لنا من أن نتقبّل الحياة بحلوها ومرّها، فمذ هبط آدم وحواء من الجنّة واختار الله تعالى لهما الأرض مسكناً، بدأ الصراع ورافقتهما الابتلاءات، فهي ليست وليدة اللحظة، وما الأمجاد التي توارثها الأجداد من بطولات الحروب والانتصارات على الأمراض والكوارث ما هي إلّا حوادث كانت بالنسبة إليهم محناً خلّد ذكرها لنا الزمن، فأصبحنا نمرّ عليها مرور الكرام ونحسبُ أنّ زماننا أصعب، وابتلاءاتنا أشدّ، والألم إمّا أن يحطّم الإنسان ويفقده قواه وتوازنه، فيتحوّل إلى شخص خائر القوى، مسلوب الإرادة يائس بائس، وإمّا أن يُخرج ما لديه من طاقات كامنة تسير به نحو التغيير، فإذا وقفتَ أمام كلّ عقبة في حياتكَ فلن تستطيع أن تعيشها ولن تستطيع التقدّم، فالحياة تحتاج منّا التعايش والتكيّف مع مجريات الأمور، وتستطيع ذلك عن طريق تغيير نظرتكَ لما يمرّ بكَ، ممّا يساعدكَ على تحويل الآلام إلى آمال وإنجازات. فالاستسلام للخوف والقلق النفسيّ هو سبب كثير من الأمراض، بينما نجد في المقابل أشخاصاً مصابين بأمراض خطيرة يتعايشون مع المرض ويمارسون حياتهم، ولا تنطفئ شمعة إبداعهم من أول نقطة ضعف أو مشكلة أو صدمة نفسيّة أو عاطفيّة. قد يقول البعض إنّ التفاؤل ما هو إلّا أكذوبة يفرضها علينا بعض الكُتّاب الذين يظنّون أنّهم أقوياء، حتّى قد يكونون هم أنفسهم لا يعملون بها! لكن ولِمَ لا؛ فلو تمسّكتَ بالجانب السلبيّ من تلك المشكلة فكيف ستكون النتيجة سوى أن تفقد يوماً تلو الآخر من تفاؤلكَ وتسيطر عليكَ الكآبة؟ وإن تداركتَ ما بقي من حياتكَ وتكون قد وصلتَ متأخّراً، فيجب أن تكون متيّقناً بأنّ جزءاً كبيراً من الراحة النفسيّة تجدها في المصالحة مع نفسكَ، أن تتقبّل وضعكَ أيّاً كان، أن تتعامل مع ظروفكَ بواقعيّة، وأن تؤمن بأنّ الدنيا ليست جنّة، لكنّها ليست جحيماً كذلك، فلا تجلد ذاتكَ، ولا تبحث عن السعادة في ما لا تملكه، فقد ينقضي عمركَ بدون أن تملكه، وتفقد طعم السعادة فيما تملكه، الثقة في الذات تحوّل الألم إلى قوّة دافعة؛ فبِفضلها تخرج الطاقات المخزونة التي تُحدث التغيير في حياة الفرد، وتُبعد عنه ما يباغته من وَهْم وخوف، حتّى لا يخلّفان عواقب مدمّرة. وممّا لا شكّ فيه أنْ ليس للمرء سلطانٌ على ألَمِه، ولكن له سلطان على كيفيّة تعامله مع الألم، حاوِلِ التكيُّف معه ووظِّفه ليخدمكَ، فبمجاورتكَ لألَمِك سينجلي، في حين أنّ استسلامكَ له ضعفٌ يتضخّم عن طريقه وقعُ الألم على نفسكَ، وصلابة النفس تجاه الألم هي قوةٌ تُضعفه. اجعل من ألمِكَ قوّة دافعة ومحفّزة تساعدك على تحقيق تغيّرات كثيرة في حياتكَ، واعرف مكامن هذه القوّة، واستثمرها جيّداً؛ لتحلّ السعادة والمتعة محلّ الألم، ولا تجعله مصدراً لحرمانكَ منها، أو حاجزاً يمنعكَ مِن تنفيذ أيّ شيء، بل تأكَّد أنّ كيفيّة تعاملكَ مع ألَمِكَ هي المحدِّد لحصول ذلك أو عدمه، فحين تسوء معاملتُكَ مع الألم يحدُثُ المنع والحرمان من المتعة.