رياض الزهراء العدد 171 الملف التعليمي
مِضمَارُ التَّشوِيقِ الفَعّالِ وأبعادُهُ التَّربَوِيَّةُ والتَّعلِيميَّةُ..
سرد مبهر وطابع أنيق يتميّز في جذب النفوس، وتناغم الحواسّ لشدّ المتلقّي بنحو ينبع بصفو وتسلسل وانسياب في طرح الأحداث والحِكم والعِبر والمعلومة الثريّة، إنّها (القصّة): عالم وهّاج يجوب بين إشراقته المضيئة المتمثّلة بأنوار الواقع تارة، ونسيج الخيال الهادف تارة أخرى، تكتنز جعبة القاصّ عبر إيفائها إيصال خبرٍ ما، أو توثيقاً لتاريخ يتمتّع بالأصالة المتوارثة عبر الأجيال، والمؤسّسة التربويّة تمثّل حضورًا طيّباً في توظيف القصّة في المنهج الدراسيّ وتضمينه في أثناء الشرح، وعقد ندوات ولقاءات بين التلاميذ، ويعدّ المعلّم الراوي أبرز عنصر من عناصر العمليّة التربويّة في نقل المعلومة والموعظة، وحثّ المتعلّمين على التحلّي بالأخلاق الفاضلة والحميدة، ويتمّ ذلك عن طريق الأسلوب القصصيّ المعبّر، الذي يمثّل إحدى استراتيجيّات التعلّم النَشِط، الذي يُمهّد الطريق أمام المتعلّمين للتفاعل الثريّ مع المعنى الفكريّ والعقليّ، والتعامل الإيجابيّ مع القصص التي تُعنى بالتجارب المفيدة والنافعة؛ لإشباع الحاجة المعرفيّة للمتعلّم في مرحلة رياض الأطفال، والمراحل الدراسيّة الابتدائية، وتكمن فائدة التعلّم بالأسلوب القصصيّ للتلاميذ في تطوير الخبرة اللغويّة والتعبير، وتدريب الذاكرة بمستوياتها الثلاث القصيرة والمتوسّطة والبعيدة، وإدارة الاتّصال والتواصل المباشر بين المعلّم والتلاميذ داخل الصفّ عن طريق استخدام حركة اليدين في الإشارة، وتغيير نبرة الصوت برفعه وخفضه؛ للدلالة على حبكة الموقف الذي يتناوله في أثناء السرد وقوّته، وفي المقابل يجسّد لحظة الهدوء والفرح والنجاح، وإمكانيّة الانتقال المتقنة في توظيف الانفعالات الصادرة في أثناء الإلقاء، وخلق الشغف والتفكير، والسعي إلى إيجاد الحلول لمغزى الهدف المستوحى منذ بداية القصّة وصولاً إلى النهاية. وتمتّع التلميذ بفنّ الإصغاء والاستماع إلى الآخرين عن طريق أخذ الدروس القيّمة التي تقدّمها القصّة، إضافة إلى تحفيز المتعلّم على تعزيز كفايته في العمل والابتكار، وتعلّم مفردات جديدة سَلِسة تساعده على ربط الأحداث، والتعامل مع المواقف المشابهة في الحياة اليوميّة. ويعدّ أسلوب الحكاية من الطرق الناجعة في حلّ الأزمات عن طريق تفسير المتعلّم للأحداث، والمساهمة في وضع البدائل المناسبة لاجتيازها، وتشجيعه على مساعدة الآخرين. وفي الختام يُفضّل ربط القصّة بخبرة حياتيّة شخصيّة، سواء للمعلّم الراوي أو أحد الشخصيّات، واسترجاع المهارات التي تعلّمها التلميذ من وقت إلى آخر، وتقاسم الخبرات بين التلاميذ وحبّ الانتماء إلى الجماعة.