رياض الزهراء العدد 171 الحشد المقدس
رِحَالي إِلى اللّهِ
يُتعبني المسير، أن أمشي وأنا أجهلُ الوجهة.. فرارًا أريد؟ تفكّرتُ لوهلة.. أليسَ لي مقصدٌ في الحياة؟ أليسَ هناك منفذ؟ تزدحمُ الأفكار وتَزيد.. ما الذي يمكنُ فعله؟ وأنا تائهٌ في ذلك الطريقِ الطويل، وليس لي صاحبٌ سوى أملي وحلمي، ذلك الحلم بأن أبذُل كلّ ما في الإمكان كي أبلغ الأعاليَ نحو ما أُريد، نحو طريق الله، نحو طريق الشهادة. بينما كنتُ تائهاً وأنا أبحث، لم أستطع أن أتجاهل ذلك الصوت العميق الذي ما انفكّ يناديني.. يُخبرني بأن أقترب: "لقد آن الأوان.. فاقتربّ.. اقتربّ" لم أكن أعلم ممّ سأقترب! تراءى لي المجهول، اعتراني نوع من الخوف، لكنّه سرعانَ ما تلاشى لقوة ذلك النداء على مسمعي، لقد غلبَ عُمقهُ بصري! لكنّني اندفعتُ وبكامل دهشتي وسرعتي، اندفعتُ وكأنّ روحي هي التي انشطرت عن جسمي وانطلقت نحو ذلك الصوت، نحو تلكَ الحُشود! تلك الحُشود؟ من أينَ أتت؟ وأين أنا؟ لماذا نحنُ نتشابه إلى هذه الدرجة؟ ما الذي يجمعنا هُنا؟ لمْ أكن أعلمُ شيئًا، ولم أستطع أن أحلِّل ما يحدث لسرعة الأحداث.. أنا فردٌ وجزءٌ من ذلك الحشد، نحنُ هنا بالفعل، بذلك العدد الهائل، لكنّنا كُنّا نبدو واحداً للعيان! لم أكن أعلمُ شيئًا، سوى أنّني هُنا.. وكَانَ هناك صوتٌ يشدّني لأُلبّي.. لكلّ تلك الشجاعة والعزيمة والإصرار! في قلبي الذي ينبضُ سعادةً من نوع آخر! وقلب كلّ مَن معي.. شددنا الرِحال كي ننطلق، لقد عرفتً وجهتي الآن! أنا وكلّ تلك الحشودُ المتراصفة أتانا نداءُ الله، وسنلبّي نداءَ العقيدة.. وفخرًا سننالُ شرف الشهادة في سبيل الله.