السَّعَادَةُ النَّفسِيَّةُ وَسُبُلُ الوُصُولِ إليها


عدد المشاهدات : 231

تباينت وتعدّدت وجهات النظر في وضع تعريف محدّد للسعادة النفسيّة، فقد ينظر البعض إليها من زاوية وجدانيّة على أنّها حالة انفعاليّة ذات طابع إيجابيّ تشتمل على مجموعة من المشاعر الإيجابيّة المتمثّلة في الفرح والسرور والارتياح والطمأنينة التي يشعر بها الفرد في موقف السعادة، في حين ينظر البعض الآخر إليها من زاوية عقليّة معرفيّة تشتمل على تقييم الفرد لحياته وما يدركه من رضاً عنها، وهناك مَن يجمع بين الاتجاهين، ولكنّها بصورة عامّة هي حالة من الفرح والهناء والإشباع، تنشأ أساسًا من إشباع الدوافع، ولكنّها تسمو إلى مستوى الرضا النفسيّ. هناك نوعان من السعادة، هما: السعادة القصيرة التي تستمرّ لمدّة قليلة، والسعادة الطويلة التي تستمرّ لمدّة من الزمن، وهي عبارة عن سلسلة من محفّزات السعادة القصيرة، وتتجدد باستمرار لتعطي الإيحاء بالسعادة الدائمة. تختلف مصادر السعادة النفسيّة من فرد إلى آخر، وتتجسّد في مصدرين رئيسين، هما: المصدر الداخليّ، ويتجسّد في سمات الفرد وقدراته ومستوى صحّته العامّة، ومصدر خارجيّ، يتجسّد في حياة الفرد الخارجيّة من حيث الدَخل والمكانة الاجتماعيّة والمهنة والاستقرار الأسريّ والعلاقات الاجتماعيّة. إنّ السعادة النفسيّة تتكوّن من ثلاثة جوانب متداخلة ومتكاملة، هي جانب معرفيّ يظهر فيما يدركه الفرد السعيد من رضاً ونجاح وتوفيق وتعاون، وجانب وجدانيّ، ويظهر فيما يشعر به الفرد السعيد من متعة وفرح وسرور، وجانب نزوعيّ أو نفسيّ حركيّ يظهر فيما يعبّر به الفرد السعيد عن سعادته، سواء بالكلام أو بالحركات وتعبيرات الوجه التي تدلّ على مشاعر السعادة وإدراك الرضا بالحياة. ويوصي الأطبّاء النفسيّون بمجموعة من النصائح تساعد الفرد على الشعور بالسعادة النفسيّة، ومنها أنّ الفرد يمتلك مفتاح السعادة بين يديه، ولكنّه لا يعرف كيف يستخدمه، فيعيش في دائرة من الحزن والتعاسة، ويصبح بحاجة إلى ضوء يرشده إلى كيفيّة الحصول على السعادة، واستثمار الإمكانات المتواجدة حوله؛ لتحقيق أعلى درجات السعادة النفسيّة والرضا عن الحياة، ومحاولته قدر الإمكان بقضاء وقت الفراغ مع الأشخاص الذين يحبّهم ويفرح بوجودهم، وعمل أشياء يستمتع بأدائها، وألّا يفكّر بالأشياء السلبيّة التي تجلب له مشاعر الضيق والحزن، بل التفكير بالجوانب الإيجابيّة، وتنظيم الوقت بين العمل والاسترخاء والراحة والتوازن بين متطلّبات الجسم والعقل، والعمل على تنويع روتين الحياة اليوميّ؛ لأنّ التنويع يُعطي للحياة نكهة، والاعتناء بالصحّة الجسديّة عبر النشاط الحركيّ والتغذية السليمة، وممارسة العادات الصحيّة، وتعلّم كتابة ثلاثة أشياء إيجابية يوميًا ممّا يجعل الحياة أكثر تفاؤلاً، والتوقّف عن مقارنة النفس بالآخرين، ومكافأة النفس بمقدار من الرفاهيّة؛ لأنّ المكافأة والشعور بالسعادة صديقان حميمان. وعلى الفرد أن يتذكّر دائماً بأنّ الحياة ليست سعادة أو حزن على الدوام، بل هي بين الاثنين، فعليه أن ينظر إليها بتفاؤل ولا يلتفت إلى الماضي. وأخيراً، إنّ تحقيق السعادة يكون في الرضا والصبر والتسبيح بحمد الله (عز وجل)، فقد قال تعالى:( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إلّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذ)(هود:108).