آخِرُ السُّفَرَاء

آلاء محمّد حسين الخفّاف/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 193

السفير الرابع: هو الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السَّمري، وهو أحد أصحاب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).(1) قام بمهام السفارة بعد وفاة الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح عام 326هـ بأمر من الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). تميّز زمانه بكثرة الحوادث السياسية والاغتيالات وظهور التيارات الفكرية المتعددة؛ مما أدى إلى تشتت الأذهان، وبما أن النشاط الاجتماعي للسفير يقترن وجوده بالجو الفكري المناسب والفرصة الأمنية المؤاتية؛ لذا فلم تُتَح له الفرصة خلال هذه المدة القصيرة من السفارة (التي استمرت ثلاث سنوات) للقيام بفعاليات موسعة كالتي قام بها أسلافه مما جعل مجال عمله ضيقاً ومبنياً على الحذر والكتمان الشديد. أخرج السَّمري قبل وفاته توقيعاً للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يعلن فيه انتهاء مدة الغيبة الصغرى بموت الشيخ السَّمري (رضي الله عنه) وكان التوقيع: “بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد السَّمري: أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك، ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله - تعالى ذِكْرُه -، وذلك بعد طُول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً..”.(2) وبهذا انتهت مدة السفارة وانقطعت طرق الاتصال بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وانتقلت القيادة الدينية إلى الفقهاء الجامعين لشرائط الفتوى وكان الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) قد كتب إلى علماء الشيعة مهيئاً لهذا الأمر - ومنهم إسحاق بن يعقوب بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان - توقيعاً جاء فيه: “... وأما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليكم...”.(3) وتعدّ السفارة مرحلة تمهيدية للغيبة الكبرى منذ ذلك الوقت إذ كان الغرض الأساسي منها أمرين: أولاً: تهيئة الأذهان للغيبة الكبرى وتعويد الناس تدريجياً على احتجاب إمامهم وعدم مفاجأتهم بالأمر إذ قد يؤدي ذلك إلى الإنكار المطلق لوجود الإمام. ثانياً: القيام بمصالح المجتمع وخاصة القواعد الشعبية الموالية للأئمة عند انعزال الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) واختفائه عن مسرح الحياة. كانت وفاة السَّمري في النصف من شهر شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة هجرية.(3) .................................... (1) إعلام الورى: ص417. (2) الإمام المهدي من المهد إلى الظهور: ص208. (3) الإمام المهدي من المهد إلى الظهور: ص250. (4) بحار الأنوار: ج51، ص366.