أَخِي الآنَ انكسَرَ ظَهرِي

إيمان صالح الطيّف
عدد المشاهدات : 319

الأخوّة هي من أعظم نِعم الله تعالى علينا، وهي أن يعيش الناس في المجتمع متحابّين، متراحمين، متناصرين، يجمعهم شعور الأسرة الواحدة، يشدّ بعضهم أزر بعض، ويحسّ كلّ واحد منهم أنّ قوّة أخيه قوّة له، وأنّ ضعف أخيه ضعف له. (أخ): كلمة أكبر ممّا نتصوّر، فهي تُعبّر عن صوت لا شعوريّ نصدره عندما نشعر بالألم، فهذه الكلمة محفورة في العقل الباطن للفرد، والأخ الصادق نِعم السند، يمنحك قوّة معنويّة تبعث في روحكَ الاطمئنان. قصص كثيرة على مدى التاريخ تتحدّث عن الأخوّة، ولكن تبقى أخوّة الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) الأخوّة المتكاملة من كلّ أطرافها، فهي لم تكن أخوّة في الحسب والنسب فقط، بل في الدين والمعتقد والأهداف. كان أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) خير مُعين وناصر لأخيه طوال حياته، وإذا خاطبه يقول له: "سيّدي أبا عبد الله"؛ لأنّه إمام مفترض الطاعة، وفي واقعة الطفّ حمل أبو الفضل العبّاس (عليه السلام) لواء الحسين (عليه السلام)، وكان الساقي للنساء والأطفال، والحارس للخيم، وكلّما نظر إليه الإمام الحسين (عليه السلام) شعر بالقوّة والحماية. وعندما سقط العبّاس (عليه السلام) صريعًا على أرض المعركة نادى: "أخي يا حسين أدركني" وكانت هي المرّة الوحيدة التي ناداهُ فيها بـ"أخي" فجاءه الإمام الحسين (عليه السلام) مسرعًا، ولمّا رآه مقطوع اليدين، مفضوخ الجبين، مشكوك العين بسهم، انثنى عليه وبكى بكاءً عاليًا وقال "أخي الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي، وشمُت بي عدوّي".(1) هذا القول الذي خصّه به دون بقيّة الشهداء لم يكن مجرّد انفعال، بل كان قاصدًا لكلّ كلمة ينطقها، فهو القرآن الناطق. قال الله تعالى: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) (القصص: 35)، فلم يختر الله تعالى من الأقارب لشدّ العضد إلّا الأخ، إنّ أعظم مباني الأخوّة السامية قد تجسّدت في هذه العلاقة الجميلة. ويا للأسف اليوم نرى كثرة الخصومات والدعاوى بين الأخوة في المحاكم وجلسات العشائر، والبعض يقاطع أخاه لسنوات أو إلى حدّ الممات، فلنتعلّم من مولانا أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) كيف نتمسّك بإخواننا، ونهتمّ بهم ونمدّ لهم يد العون؛ لأنّنا لا نصل إلى الكمال إلّا بهم ومعهم. ........................................ (1) الإمام الحسين (عليه السلام) من الميلاد إلى الاستشهاد: ص238. الأسئلة: س1/ مَن القائل: "المؤمن أخو المؤمن ودليله، لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يَعِده عِدة فيخلفه"؟ 1- الإمام الصادق (عليه السلام). 2- الإمام الكاظم (عليه السلام). س2/ مَن القائل: أخوكَ الّذي إن سرّكَ الدهرُ سرَّه وإن غبتَ يومًا ظلَّ وهو حزينُ؟ 1- بشّار بن برد. 2- الشافعيّ. 3- الأصمعيّ. أجوبة موضوع الأدب مع العلماء: ج1/ النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله). ج2/ الإمام عليّ بن الحسين (عليهما السلام).