رياض الزهراء العدد 83 معا نحو الظهور
دَورُ الإِمَامِ فِي حَيَاتِنَا
يوحي الاعتقاد بإمام غائب من الصعب الوصول إليه ومشاهدته بالطرق السهلة المتعارفة بين الناس حالات من الجمود في التفاعل مع الإمام، ولكن هذا الانقطاع هو انقطاع مادي لا روحي ولا معنوي، فالإمام يعيش حياته بشكل طبيعي وعادي في الأرض، يأكل ويتحرك ويقوم ويقعد ويصلي ويغيث المضطرين الملتجئين إليه كباقي البشر، كما أنه يمارس الدور نفسه الذي كان قد مارسه آباؤه الأئمة المعصومون (عليهم السلام) باختلاف بسيط، وهو انتقال عمله ونشاطه من العلن إلى السرّ، علماً أن بعضاً من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) قد مارسوا نشاطهم بشكل سري في مدة من حياتهم. إن مفهوم الإمامة مفهومٌ أوسع من الإمامة السياسية، فهي إدارة كونية وتشريعية قد سمّيت بنودها بالولاية التكوينية والتشريعية روى الصدوق عن الرسول (صلى الله عليه وآله): “لابدّ للغلام من غيبة، فقيل له: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: يخاف القتل”.(1) فهو يمارس دوره كما أراده الله في الأرض، فأما في الموارد التي يخشى فيها على حياته فقد أوكلها في الغيبة الصغرى إلى النوّاب الأربعة، أما في الغيبة الكبرى فقد خصّها بالفقهاء ورواة الحديث وقد خرج توقيعه (عجل الله تعالى فرجه الشريف).. “وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليكم”.(2) وهم يمارسون ما يحتاجه الناس من الأنشطة الاجتماعية والسياسية والثقافية والتربوية، إن السير على هذا الاعتقاد يطوّر الإنسان في مسيره بمراحل التطور والتكامل الإنساني المعتمد أصلاً على الفرد؛ ليكون بالمستوى المناسب للمَهمة المنتظرة في عصر الظهور، فالإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) مجهول الهوية خوفاً على العقيدة والخريطة الإلهية للكون، حيث هو الوعد الإلهي الموعود لمَهمة كونية تاريخية في الوقت الذي يحدده الله (عز وجل) له. ...................................... (1) علل الشرائع: ج1، ص308. (2) الغيبة: ج1، ص302. المصادر/ بحث حول المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). المهدي الموعود.