الدُّعَاءُ

آمال شاكر الأسديّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 207

من العبادات التي أمر الله تعالى بها عباده، فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر: 60). والدعاء لغةً: (مصدر دعا الرجل دعوًا ودعاءً: ناداه. والاسم: دعوةً ودعوتُ فلانًا: صِحتُ به واستدعيتُه).(١) واصطلاحًا: (إظهار الخضوع والذلّة والعبوديّة).(٢) وإذا كان الحياء قرين الإيمان، فإنّ السعي قرين الدعاء، ومثلما أنّ المصباح لا يضيء من دون التيّار الكهربائيّ، فكذلك الدعاء لا يكفي إن لم يقترن بالسعي، فقال تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (النجم: 39)، ولهذا فالرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) عندما كانوا يقودون الأَحداث والمسؤوليّات الجِسام لم يكتفوا بالدعاء فقط، بل يقرنون ذلك بالسعي والعمل الجادّ والتخطيط، وهناك آثار تغيّر مصير الإنسان، فالدعاء مفتاح لكلّ العبادات. قال الإمام الصادق (عليه السلام): "إنّ الدعاء في الرخاء يستخرج الحوائج في البلاء"(٣). وللدعاء آثار على المستوى الروحيّ للفرد، منها إحياء القلب وتنبيهه من الغفلة، ويهذّب سلوك الإنسان ويقوّم أخلاقه؛ لأنّ الإنسان سيكون قريبًا من الله، وبعيدًا عن وساوس الشيطان وأهواء النفس، ومن ثمّ سيعمل بمضمونه ويُصلح نفسه، فهو يجعل الشخص يشعر براحة النفس والهدوء والسكينة؛ لأنّه يكون في محضر الله (سبحانه وتعالى)، ويُشعره بالاطمئنان والأمان، وبالدعاء تتناثر الذنوب ويزداد العبد عبوديّةً وتذلّلًا لله (عزّ وجلّ)؛ لشعوره أنّ الله تعالى هو الوحيد القادر على إجابته وسماع شكواه، وبالدعاء تنزع نفس الإنسان إلى العمل والنشاط بدل الكسل والدِعة، فيشعر بفرح وسعادة لأنّه حقّق ما يريد، ممّا يزيد من ثقته بنفسه، وهناك علاقة وثيقة بين الإيمان والدعاء، فكلّما تضرّع الإنسان إلى الله تعالى وتقرّب إليه فسيقوى إيمانه ويزداد؛ لأنّه سيثق ويتيّقن بأنّه حتّى منع الله تعالى عنه هو عطاء، فيزداد شكرًا لله وقربًا منه، ولاستجابة الدعاء شروط، منها: الإلحاح فالله (سبحانه وتعالى) يحبّ أن يلحّ العبد بطلبه، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "والله لا يلحّ عبد مؤمن على الله في حاجة إلّا قضاها له".(٤) وطيب الكسب، فلا يتعامل بالغشّ، يُروى أنّ رجلًا أتى النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، فقال: "ادعُ الله أن يستجيب دعائي، فقال: إذا أردتَ ذلك فأطب كسبكَ".(٥) أمّا موانع استجابة الدعاء فعديدة، منها: • الأكل الحرام: من أشدّ الأطعمة خبثًا وأثرًا في سلوك الإنسان، ويورث عدم قبول العبادة، فقد ورد عن الرسول (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "مَن أَكَلَ لُقْمَةَ حَرام لَنْ تُقْبَلَ لَهُ صلاةٌ أَربَعِينَ لَيلَةً وَلَمْ تُسْتَجَبْ لَهُ دَعوَةٌ أَربَعِينَ صَباحًا".(٦) • ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عن الرسول (صلّى الله عليه وآله): "لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسطن الله شراركم على خياركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم".(7) • عقوق الوالدين: فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "- الذنوب - التي تردّ الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين".(8) ولقد أشار الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى كيفيّة رفع موانع استجابة الدعاء بقوله: "فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم، وأخلصوا سرائركم، وامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فيستجيب الله لكم دعاءكم".(9) ........................................... (1) لسان العرب: ج١٤، ص٢٥8. (2) مفاتح الغیب: ج5، ص107. (3) شرح أصول الكافي: ج١٠، ص٢٤١. (4) مستدرك الوسائل: ج٥، ص١٩٣. (5) مستدرك الوسائل: ج٥، ص٢٧٠. (6) بحار الأنوار: ج٦٣، ص٣١٤. (7) ميزان الحكمة: ج2، ص37. (8) الكافي: ج٢، ص٤٤٨. (9) مستدرك الوسائل: ج٥، ص٢٦٩.