كَيفَ تكونُ ثِيابُكَ انعكاسًا لثقافتِكَ ودينِكَ؟

دلال كمال العكيليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 136

يُصاب البعض في الكثير من الأحيان بهوس وتعلّق غريب، عادة ما يكون عالمًا بأنّه مصاب، ومرّة أخرى تجده جاهلًا بالأمر، وفي الحالتين هو أمر غير صحّي، الحديث اليوم هو عن ارتداء الملابس المكتوب عليها عبارات خادشه للحياء وبذيئة، إذ أصبحت شائعة في الأوساط الاجتماعيّة بأنواعها، مرّة نجده إنسانًا متعلّمًا ويعرف القراءة وهذه طامّة كبرى، ومرّة أخرى يكون إنسانًا جاهلًا بالقراءة وغير مهتمّ بما هو مكتوب على ملابسه أو ملابس أطفاله، وفي كلتا الحالتين الإنسان مساءل أمام الله تعالى والمجتمع، وعليه أن ينتقي ما يلبس بعناية، مثلما ينتقي مأكله ومشربه؛ لأنّ لباس الشخص هو انعكاس لدينه ومعتقداته وأخلاقه، في هذا الصدد استطلعت رياض الزهراء (عليها السلام) آراء مجموعة متنوّعة الثقافات والأعمار، ولكلّ منهم رأي أبداه. توجّهت رياض الزهراء (عليها السلام) إلى جناب السيّد محمّد الموسوي بسؤال عن الحكم الشرعيّ للبس الملابس المكتوب عليها عبارات بذيئة باللغة الإنجليزيّة إذا كان الشخص لا يعلم وجاهل بالقراءة؟ أو كان يعلم المعنى. السيّد محمّد الموسويّ (دام توفيقه): يختلف الحكم باختلاف نوع العبارة ومعناها، ويكفي أحد من العناوين أدناه في تحقّق الحرمة: (ملبس يظهر العورة ويجسّد المفاتن، أو يوجب الإثارة، وكتابة ذات كلام فاحش أو غير أخلاقيّ أو كلام يروّج الفساد أو كانت تشابه ملابس الجنس الآخر)، وأغلب الناس لا تعرف معنى ما مكتوب على ملابسهم، ولا يدقّقون في معرفة ما مكتوب قبل الشراء. رياض الزهراء (عليها السلام) ومثلما تعلمون فلا توجد رقابة حكوميّة على الاستيراد ولا على المحلّات التجاريّة، فعلى مَن تقع المسؤوليّة؟ السيّد محمّد الموسوي: نعم، وهنا يأتي دور الرقابة الذاتيّة، وإيمان العبد بالله تعالى هو الذي يعصمنا وأخوتنا من الزلل بمحمّد (صلّى الله عليه وآله) وآله الطاهرين. صرعة قديمة رياض الزهراء (عليها السلام) كيف أصبح انتقاء الملابس تقليدًا أكثر من كونه اختيارات شخصيّة؟ السيّدة إسراء العكراويّ/: أصبحت الصرعة هي التي تحدّد خياراتنا وانتقاءاتنا، وكأن ليس من حقّنا إبداء الاعتراض؛ لأنّنا نُواجه بعبارة (راح موديله)، وهذا أحد أدواء المجتمع الذي يهتمّ بالمظهر إلى حدّ التقديس، ولا يعوّل على قيمة الإنسان وقدراته وعقله أو خُلقه، بل على مظهره فقط، حتّى صار شبابنا مجرّد دُمىً يُلبسهم الغرب على هواه، من دون تفكّر في آثار هذه الصرعات في الفرد والمجتمع، فمن عبارات خادشة للحياء، أو ملابس ضيّقة يرتديها الشاب بدون وعي بما تجرّه على المجتمع من أمراض نحن في غنى عنها، وأخصّ بحديثي الشباب والرجال؛ لأنّهم القدوة في أسرهم، وأخلاقهم وسلوكهم حجّة على أخواتهم وبناتهم، فكيف تُطالب المرأة بالتعفّف والالتزام في ظلّ أخ أو أب غير ملتزم؟! من البيت نبدأ رياض الزهراء (عليها السلام): هل للأهل دور في اختيار ملابس أولادهم؟ وجدان صبّار/ مُعيدة في جامعة ذي قار/ التربية الإنسانيّة: للوالدين الدور الأكبر في تربية أبنائهم، لذا توصف الأسرة بالأرض إذا كانت طيّبة، فيكون غرسها طيّبًا والعكس صحيح، لذا يتوجّب علينا أن نكون القدوة لأطفالنا والموجّه والمرشد بالطريقة المثلى، لا بالتشدّد والقسوة، إذ كلاهما يزيدان العناد والاعتداد بالرأي وإن كان خطأً، وأن نتعامل مع المواقف بطريقة ذكيّة ومدروسة لا إفراط فيها ولا تفريط، وهذه الطريقة نتبعها في كلّ أمور الحياة مع أولادنا، ومنها اختيار الملابس، وألّا تكون عليها عبارات بذيئة أو تكون غير مناسبة ومنافية لتعاليم الدين الإسلاميّ، وهذا بحسب تجربتي مع أولادي وبعض طالباتي، وقد أجدى نفعًا. جهل وتهاون رياض الزهراء (عليها السلام): هل للجهل والتهاون في معرفة اللغة الإنكليزية دور في الإقبال على شراء ملابس مكتوب عليها عبارات بذيئة من دون علم ودراية بمعانيها؟ آمنه كمال/ بكالوريوس ترجمة اللغة الإنكليزية والفرنسيّة: إنَّ عدم المعرفة باللغة الإنكليزية والتهاون في تعلّمها بشكل دقيق يخلق مشكلات كثيرة قد لا يلاحظها الشخص إلّا بعد حين، وما يُلاحظ اليوم أنّ بعض المدارس والجامعات والكثير من المنشآت التعليميّة لا تُسلّط الضوء لطُلابها وطالباتها على ما يُفترض تعلّمه للمواقف الحياتيّة، وبعض العمليّات المستقبليّة التي انتشرت في الآونة الأخيرة تحت مظلّة مقولة: "لولا تعدّد الأذواق لبارت السلع"، مصطلحات تصبّ في خدمة ما يُطلق عليه مُسمّى الصرعة، ليس الكلام هنا موجّه إلى جنس معيّن، بل للرجال والنساء سويّةً، إذ من الواجب على كلا الجنسين الالتفات إلى الملابس التي يُقبلون على شرائها لأنفسهم ولأطفالهم، بخاصّة أنّ الطفل يقع في ضمن مسؤوليّات الأهل. حشمة وحياء زينب حسن/ 15 عامًا: أنا بطبعي كثيرة الملاحظة عند شرائي للملابس، وهذا ما تربّيت عليه وعلّمتني إيّاه أمّي، إذ كانت تدقّق في العبارات المكتوبة، وتتحاشى شراء الملابس ذات الرسوم والمكتوب عليها بلغات لا تعرفها، وبعض الأحيان كانت تستعين بإحدى أقاربها أو صديقاتها ممّن تجيد قراءة اللغة الإنكليزيّة، وبهذا نتجنّب الوقوع في فخّ العبارات الموبوءة. فيما أكّدت زينب عبد الأمير/ خرّيجة المعهد التقنيّ: أنّها تفضّل شراء الملابس التي لا تحمل أيّ عبارات ولا رسوم؛ لتفادي الانتقادات التي من المحتمل أن تتعرّض لها في الشارع، وعدّت الملابس الخالية من العبارات نوعًا مَن أنواع الحشمة في المجتمعات الإسلاميّة المحافظة وبصورة عامّة، وأنّها لا تمتّ إلى ديننا وتقاليدنا بصلة. الآراء حول هذا الموضوع كثيرة ومتنوّعة، لكن خلاصة ما تمّ طرحه أنّ الانتشار لتلك الملابس من ناحية تداولها وبيعها في المحالّ التجاريّة وإقبال الناس عليها، عالِمهم وجاهلهم هو أمر يتشارك فيه الجميع، والمسؤوليّة تقع على عاتق كلّ إنسان مسؤول وقد جاء في قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته"(1). .................................... (1) بحار الأنوار: ج72، ص38.