شَبَحُ الحَظِّ العَاثِرِ

ليلى العانيّ/ بغداد
عدد المشاهدات : 112

نسمع في الأحاديث اليوميّة كثيرًا من الناس يشكون من حظوظهم العاثرة، هؤلاء الناس بإمكانهم قضاء ساعات طويلة وهم يلومون وجودهم في الزمان والمكان الذي يجلب لهم النحس، كذلك هم لا يتردّدون في القيام بأيّ ممّا يستلزم استجلاب الحظّ الجيّد ودرء النحس، مثل ارتداء لون معيّن أو تغيير الأصدقاء أو المنزل وغيره. وهنا نلاحظ فيهم عدّة أمور: إنّهم يستهلكون وقتًا كبيرًا في الشكوى. إنّهم يبذلون جهدًا عظيمًا ليكونوا محظوظين. إنّهم يؤمنون بالحظّ أكثر من إيمانهم برحمة الله وحسن تدبيره. ما سبب بعض الإخفاقات التي يسمّيها الناس بالحظّ العاثر؟ أولًا: أعمال الإنسان السيّئة، حيث قال الله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) (الشورى: 30). ومثلما عرّفنا الله (عزّ وجلّ) بالأسباب، علّمنا كيف نُحسّن حياتنا، حيث قال في محكم كتابه العزيز: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) (هود: 52). ثانيًا: رؤية الإنسان لكلّ حدث لا يتّفق مع مرامه على أنّه حظّ عاثر، وهو أمر غير دقيق، فالله يعلم ونحن لا نعلم، حيث قال (عزّ وجلّ): (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ) (البقرة: 216). ثالثًا: الإسراف في الوقت والجهد في غير محلّه، وعدم القيام بما تتطلّبه منّا الأهداف، فمثلًا الحصول على وظيفة يستلزم تطوير المهارات، والإقدام على أعمال تناسب هذه المهارات، وإنشاء شبكة علاقات تسرّع عمليّة التوظيف، وهذا قد يستغرق أشهرًا، فلن تأتي فرصة العمل إلى باب المنزل وتطرقه، أصحاب العمل ذوو المسؤوليّات الكبيرة والمتعدّدة لن يعرفوا الإنسان إن لم يبذل هو جهدًا من جانبه. رابعًا: إهمال الدعاء: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر: 60)، إذ إنّ للدعاء أثرًا عظيمًا في قيادة الإنسان نحو الخيرات وزيادة البركات في الحياة. خامسًا: نسيان شكر الله على النعم التي أحاطنا بها، كلّ تلك النعم التي ننساها ولا نقدّرها حقّ قدرها تجلب خسرانًا كبيرًا، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) (الفرقان: 62). صدق الله ربّنا الذي أرشدنا لما هو خير لنا، والحمد والشكر له إذ وجّهنا إلى ما يقودنا إلى الحظوة والنجاح في الدارين، الدنيا والآخرة.