رياض الزهراء العدد 173 لحياة أفضل
واجِهْ مَخاوِفَكَ
عرّفه علماء النفس بأنّه قلق، أو عصاب نفسيّ لا يخضع للعقل، ويساور المرء بصورة جامحة من حيث كونه رهبة في النفس شاذّة عن المألوف يصعب السيطرة عليها والتحكّم بها.(١) إذن هو مجرّد حالة ذهنيّة نخلقها نحن لتبقينا في منطقة الأمان الوهميّ الذي يمنعنا من القيام بأمور نخشى القيام بها؛ لأنّها قد تتسبّب لنا الأذى النفسيّ في حال عدم نجاحها، وتتفاوت شدّة وطأتها بين شخص وآخر، وبين مرحلة من العمر وأخرى، وبين خوف من شيء حقيقيّ أو خياليّ أو بسبب شعور ما أو ضغط. وعرّفه علماء الأخلاق أيضًا بكونه: تألّم القلب واحتراقه بسبب توقّع مكروه في الاستقبال مشكوك الوقوع.(٢) الخوف وإن كان في تركيبة النفس البشريّة بوصفه ردّ فعل، فهو يتّصف بكونه عاديًا في كثير من الأحيان، وشيئًا طبيعيًا، وحالة سوية يُصاب بها كلّ كائن حيّ؛ فثمّة خوف يشترك به جميع أفراد الجنس البشريّ وهو - على سبيل المثال - الخوف من الموت، أو من الشيخوخة، أو من المستقبل، أو من الفشل، وغير ذلك، وهو في هذه الدائرة يوصف بأنّه طبيعيّ، بل إنّ الخوف قد يكون ضروريًّا لتحقيق التوازن النفسيّ والواقعيّ في الحياة، فإنّ للخوف أهميّةً كبرى في العقيدة والإيمان، فهو الذي يلهب النفوس، ويحفّزها على طاعة المولى تعالى ويفطمها عن عصيانه، ومن ثمّ يسمو بها إلى منازل السالكين، قال الإمام الصادق (عليه السلام): "خف الله كأنّكَ تراه، فإن كنتَ لا تراه فإنّه يراكَ".(٣) كذلك الخوف من الفشل في حدود المعقول يعطي حافزًا للعمل والعطاء ويدفع إلى إتقانه، لكن في أوقات وحالات معيّنة يصبح مرضًا مثل أيّ مرض نفسيّ آخر، وذلك عندما يصبح الخوف هاجسًا مضخّمًا بسبب أمور لم تحدث ولن تحدث، يؤدّي هذا إلى إعاقة الإنسان في عمله، وكذلك يؤثّر في سلوكه ويدخله في أزمات نفسيّة صعبة. طرق علاج الخوف: 1- مواجهة المخاوف وتحديد أسبابها. 2- استبدال الأفكار السلبيّة التي تثير مشاعر الخوف والقلق بأفكارٍ أكثر إيجابيّة. 3- التركيز على اللحظة الحاليّة والحاضر الذي نعيشه، فعندما يعيش الفرد يومه يستطيع أن يصل إلى المستقبل بأمان وذلك باختصار لأنّ المستقبل امتدادٌ للحاضر. 4- وضع أهداف واضحة لحياة الفرد تكون قابلة للقياس ومحدَّدة وواضحة، وقابلة للتحقُّق أيضًا؛ لأنّها مرهونة بوقت معيّن لن يَجِدَ الفردُ وقتًا للتفكير فيها. مواجهة مخاوفكَ بكلّ إصرار، ومهما احتاج الموقف من جرأة وقوة، وعدم الهروب من المواجهة؛ لأنّها ستصبح أكبر بكثير ممّا تتخيّل ممّا هي عليه في الواقع حين تستسلم لها، وينجح الأمر بتجاوزها. الأمر فقط يحتاج إلى تصميم وتوكّل على الله حقّ التوكُّلِ، وحسن الظنّ به، وذلك لقوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: 3)، وزيادة الثقة بنفسكَ، وبكلّ تأكيد ستنجح. ...................................... (1) موسوعة علم النفس: ج١، ص٥٦. (2) جامع السعادات: ج١، ص٢٠٧. (3) ميزان الحكمة: ج٣، ص126.