رياض الزهراء العدد 174 شمس خلف السحاب
مِيزةُ المُنتَظِرِ في غَيبةِ إمامِهِ المُنتَظَرِ
رُوي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "يا عليّ، وَاعْلَمْ أنَّ أَعْجَبَ الناسِ إيمانًا، وأَعظَمَهُمْ يقينًا، قَوْمٌ يكونونَ في آخرِ الزمان، لم يلْحَقوا النبيَّ، وحَجَبَتْهُمُ الحُجَّةُ، فآمَنوا بِسَوادٍ على بياضٍ"(١)، ركّز هذا الحديث النبويّ على مفهومين في أهل الانتظار لخاتم حجج العترة الأطهار (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في آخر الزمان، هما (الإيمان) و(اليقين)، فهم ليسوا ممّن ذمّ فعلهم القرآن الكريم من الأقوام السابقة، ومنهم قوم النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) الذين شهدوا حضوره، مثلما جاء في قوله تعالى: (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا) (الإسراء: 90)، فهم مع وجود الرسول والرسالة، والآيات والحجج لم يتحقّق الإيمان في نفوسهم، بل كانوا يطلبون معجزات ماديّة حتّى يؤمنوا!! وفي المقابل، أهل آخر الزمان هم ممّن "لم يلحقوا النبيّ، وحجبتهم الحجّة، فآمنوا بسواد على بياض"(2)، لذا فإنّ تعبير النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بالتعجّب، فيه إشارة إلى أهميّة تحقّق هذين الأمرين، بل لزوم تحقّقهما فينا بوصفنا منتظرين في زمن الغيبة، ولعلّ فيه تنبيهًا إلى صعوبة تحقّقهما أو الثبات عليهما لشدّة الفتن والمحن والغربلة التي يتعرّض لها أهل آخر الزمان، ومن ثمّ فيه تذكير لهم كي يدركوا عظم هذه النعمة التي هم عليها، فيحرصوا على سلامة شجرة الإيمان في قلوبهم، وثمرتها اليقين. ........................................ (1) معجم أحاديث المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف): ج1، ص49. (2) المصدر السابق.