رياض الزهراء العدد 174 لنرتقي سلم الكمال
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ)
قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظً الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران: 159). في هذه الآية إشارة إلى واحدة من المزايا الأخلاقيّة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ألا وهي (اللين) مع الناس، والرحمة بهم وترك الخشونة والجفاء وقسوة القلب تجاه المذنبين والجاهلين، فلولاها لما تمكّن من استقطاب الناس حول رسالته؛ لأنّ الناس بحاجة إلى رعاية فائقة وقلب كبير يتّسع لطموحهم، وإلّا فإنّ الغلظة والقسوة إذا اعتُمدت منهجًا في التبليغ والدعوة إلى الحقّ، فإنّ مردودها سيكون عكسيًّا وهو النفور من الحقّ. وفي حوار النبيّ إبراهيم (عليه السلام) مع عمّه (آزر) في دعوته إلى ترك عبادة الأصنام وعبادة الله الواحد الأحد، نجد المنهج ذاته، إذ قال عمّه: (أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) (مريم: 46)، أجابه إبراهيم (عليه السلام): (سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) (مريم: 47). نلاحظ أنّه هدّد إبراهيم (عليه السلام) بالرجم، ولم يكتفِ بالتهديد، بل عدّ وجوده لا يحتمل، فقال له: (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا)، أي ابتعد عنّي أبدًا، ممّا يدلّ على القسوة والجفاء. في حين نلاحظ أنّ إبراهيم (عليه السلام) لم يردّ عليه بنفس الأسلوب، بل استخدم المنطق الممتزج بالاحترام والمحبّة والحرص على الهداية مقترنًا بالحزم. إنّ الأصل في الإسلام هو اللين والرفق ومداراة خلق الله تعالى، فمن الحكمة أن يكون قلب مَن يرشد الناس مفعمًا بالمحبّة، فيّاضًا بالعاطفة، ويطلب الخير للآخرين من صميم قلبه، وعدم ردّ الإساءة بمثلها، وهذا يدلّ على أصله واكتمال عقله. واليوم نجتهد في هيئتنا وملابسنا؛ لنظهر بأفضل هيئة أمام الناس، ولكن بعضنا لا يحبّ الخير للآخرين، ويريده لنفسه فقط، ولا يزن كلامه أو ينقّيه باستخدام التعبيرات الليّنة التي تفتح القلوب، وتؤنس الحديث وتُجمّل الحوار، وإذا غضب كانت كلماته كالرصاص، لذا نحتاج إلى تمرين ومثابرة في انتقاء العبارة، ولين الكلام، وسلامة القصد، ونقاء القلب، وغضّ الطرف عن الزلّات؛ لأنّ الصفات النفسيّة قابلة للتغيّر والتطوير، وليست صفات لازمة قهريّة للإنسان. ومثلما يقول الشاعر: إنّ اللئيم بقبح القول تعرفه فنّ التخاطب ذوق ليس يدركه وبالحوار طباع الناس تنكشفُ إلّا كريم بحسن الخُلق يتّصفُ اللين هو المفتاح الذهبيّ للقلوب، والطريقة الأصحّ للتدرّج في الكمال. الأسئلة: س1: مَن القائل: "المُؤمِنُ لَيِّنٌ هَيِّنٌ سَمحٌ، لَهُ خُلُقٌ حَسَنٌ، وَالكافِرُ فَظٌّ غَليظٌ لَهُ خُلُقٌ سَيِّئٌ ، وفيهِ جَبرِيَّةٌ" 1- رسول الله (صلّى الله عليه وآله). 2- الإمام الصادق (عليه السلام). س2: مَن يستعن بالرفق في أمره قد يُخرج الحيّة من جحرها 1- الأصمعيّ. 2- المتنبيّ. 3- بشّار بن برد. أجوبة موضوع: (اللهمّ ثبّت لي قدم صدق عندكَ مع الحسين وأصحاب الحسين (عليهم السلام)) ج1: 1- مسلم بن عوسجة الأسديّ. ج2: 1- أنس بن الحارث.