رياض الزهراء العدد 174 نافذة على المجتمع
تَعرّفي عَلى مَفاتيحِ السَّعادةِ مِن مَركزِ الثَّقافةِ الأُسريّةِ
الكلّ يبحث عن الحياة الهانئة المستقرّة بعد الزواج، والجميع يعلم بأنّ الزواج يمرّ بمحطّات كثيرة، وفي بعض الأحيان يواجه الزوجان مشاكل بسيطة، لكن لا يستطيع أيّ منهما تجاوزها لأسباب عديدة، فتارة بسبب التدخّلات من قِبل العائلة، وأخرى لا يكون الزوجان ذَوَي خبرة كافية لتجاوز المشاكل والأزمات التي تواجههما، وعدم امتلاكهما معلومات عن كيفيّة التعامل مع بعضهم البعض، لذا فإنّ المجتمع بحاجة دائمًا إلى تثقيف المقبلين على الزواج وتوعيتهم، والعمل على إكسابهم الوقاية من المشكلات التي من الممكن أن تواجههم، أو كيفيّة تجنّب حدوثها والتعامل معها حين الوقوع، لذا كان دأب مركز الثقافة الأُسريّة في العتبة العبّاسية المقدّسة على إقامة برنامج تحت عنوان (مفاتيح السعادة) الذي يتخصّص بتأهيل الفتيات المُقبِلات على الزواج، ويتضمّن محاضرات هادفة ومتنوّعة سعيًا إلى بناء مرتكز أسريّ مبنيّ على أسس الوعي والمعرفة، ولمعرفة تفاصيل أكثر توجّهت مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام) لتحضر وتطّلع على ذلك البرنامج المبارك، وتشاهد عن كثب تلك الفعاليّات المميّزة. أوضحت لنا السيّدة أسمهان إبراهيم/ مديرة المركز بشأن البرنامج قائلةً: "إنّ المركز وضع في ضمن أولويّاته منذ الوهلة الأولى لتأسيسه، كيفيّة بناء الأسرة وتحصينها من كلّ ما يعصف بها من مخاطر، وكان له في هذا المجال العديد من البرامج، التي توزّعت تقريبًا على جميع أفراد الأسرة من ربّة المنزل إلى الأطفال، ومن تلك البرامج برنامج (مفاتيح السعادة) الذي يستهدف الطالبات الجامعيّات المُقبِلات على الزواج، لتكون لديهنّ القدرة على التعامل مع الحياة الأسريّة، ومن ثمّ الحدّ من الخلافات الزوجيّة والأسريّة التي قد تؤدّي إلى انهيار الأسرة وتفكّكها، وقد تضمّن منهاج اليوم الأوّل من البرنامج الذي يستمرّ لثلاثة أيّام، محاضرةً بعنوان (الخطوة الأولى نحو النجاح)، تعرّفت المشاركاتُ عن طريقها على التفكير الإيجابيّ والتواصل الفعّال، ثمّ تبعتها جلسة حواريّة قدّمتها مجموعة من مرشدات المركز؛ للتعرّف على المشاكل التي تواجهها هذه الشريحة، ومناقشتها ومحاولة وضع الحلول الناجعة لها، وُضِع البرنامج في ضمن مستويَيْن مضافًا إليهما اختبار لكلّ مستوى، للوقوف على مدى استيعاب المشتركات، قُدّمت المحاضرات من قِبل الأخوات المتخصّصات في المركز، وكانت معدّة ومدروسة مسبقًا لتكون مناسبة للفئة المشاركة، وتمّ طرحها بأسلوب شائق تفاعليّ". وكان لرياض الزهراء (عليها السلام) حديث مع الستّ عذراء عبّاس الشاميّ/ المرشدة في المركز التي أوضحت لنا أسس بناء الأسرة، وأهميّة الاستقرار والهدوء قائلةً: من المعروف لدى الجميع أنّ إقدام أيّ شخص على بناء بيت خاصّ به يُحتّم عليه مراعاة بعض القواعد المهمّة في هذا الأمر، ومنها اختيار الأرض المناسبة، فلا يمكن أن يُبنى بيت من الطين في جوّ مليء بالأمطار والفيضانات، أو يُبنى بيت من الزجاج في بلد تكثر فيه الزلازل؛ لأنّ مصيرهما حتمًا هو الهدم، كذلك على صاحب البيت الاعتناء باختيار مَن سيقوم ببناء البيت له، ولا بدّ من أن يتّصف بالصدق والأمانة، ومن ثمّ يختار الموادّ الجيّدة التي تقاوم الظروف المحيطة، وتحفظ ساكنيه من كلّ ما يضرّهم. هذا كلّه وأكثر يحدث في بناء بيت من الطابوق والحديد والموادّ الأخرى، فكيف الحال ببناء الأسرة؟ أفلا يجدر بالذي يقدم على هذا الأمر البحث عن أهمّ الأسس التي تجعل الأسرة قوية ومتماسكة؟ من الأسس المهمّة الواجب معرفتها للذي يقبل على الزواج هي مفهوم الزواج والغاية منه، وأسس اختيار الشريك وحقوق كلّ طرف وواجباته، ويا للأسف نلاحظ كثرة حالات الطلاق والتفكّك في المجتمع في الآونة الأخيرة، وعندما نحقّق في الأمر نجد أنّ الابتعاد عن الأسس المهمّة هي السبب. فالعلاقة الزوجيّة هي علاقة مقدّسة جدًا ومشرّعة من قِبل الخالق (عزّ وجلّ) لتحقيق الاستقرار النفسيّ والسكينة للزوجين، وكلّما ابتعدت هذه العلاقة عن الأسس المهمّة كلّما أصبح جوّ العلاقة بعيدًا عن الاستقرار والهدوء. وفيما بيّنت لرياض الزهراء (عليها السلام) الستّ عذراء أحمد/ المرشدة في المركز أنّه: "تمّ تقديم عدد من المحاضرات المتخصّصة في تهيئة المقبلات على الزواج من عدّة نواحي، وتقديم حلول عمليّة للمشكلات التي من الممكن أن تتعرّض لها الفتيات، وتمّ طرح الأمثلة الواقعيّة ومعالجتها، وقد شهدت المحاضرة مداخلات وآراء جدّية وناضجة تحاكي الواقع، ومن الممكن تطبيقها، وكانت المحاضرات المقدّمة وقائيّة لحياة أسريّة هانئة". وكانت هناك محاضرة للاستشاريّ في الطبّ النفسيّ الدكتور صالح الحسناويّ الذي بيّن لنا قائلًا: "(نظرة الشباب إلى الحياة الأسريّة المستقبليّة) عنوان المحاضرة التي قدّمتها، والتي تمّ تسليط الضوء فيها على مفهوم الزواج وكيفيّة تهيئة الشباب للحياة الزوجيّة، وتحديد مقاييس اختيار الزوج المناسب. شهدت المحاضرة مداخلات وآراء ناضجة وجدّية، واستمرار هذه المحاضرات سيطوّرها إلى دورات تصبّ في منفعة الجيل الجديد والحدّ من حالات الطلاق". والتقت رياض الزهراء (عليها السلام) مع الدكتورة هزار شاكر صالح/ تدريسيّة في جامعة ذي قار ـ كليّة التربية/ العلوم الصرفة، التي تحدّثت عن الأثر والأهميّة الكبيرة لذلك البرنامج: "مركز الثقافة الأسريّة سبّاق في خطواته، يسعى إلى خدمة المرأة بطرق حديثة ومتوائمة مع تعاليم الدين الإسلاميّ، ومن البرامج التي أثبتت نجاحها على أرض الواقع هو (مفاتيح السعادة) الذي لمسنا نتائجه مسبقًا عن طريق مشاهدتنا الواقعيّة لتفاعل الطالبات المشاركات التي تعدّ كلّ واحدة منهنّ مشروعًا لعائلة، والشابة ذاتها تعدّ مشروعًا مجتمعيًّا لصديقاتها وأخواتها والمحيط الذي تعيش فيه؛ لتكون الأنموذج الناجح في إدارة الحياة الزوجيّة وكيفيّة التعامل مع الشريك، مشاريع مهمّة كهذه من الضروريّ استمرارها، وجعلها منهاجًا، وإذا أردنا أن نقيّم ذلك الجهد، فهو لا يخضع للتقييم، ندعو الله أن يوفّق كلّ الساعين إلى إقامة هذه البرامج، فهي مصداق لما يُقال: الوقاية خير من العلاج، وخير تطبيق لذلك هي تلك البرامج". يُعنى مركز الثقافة الأسريّة بالأسرة العراقيّة ويعمل على زيادة الوعي الثقافيّ فيها، ويقف عند المشاكل التي تمرّ بها الأسرة، سواء كانت مشاكل زوجيّة، طفولة، مراهقة، كبار السنّ، طالبات في مرحلة الثانويّة والجامعة، المقبلات على الزواج والمتزوّجات الجدد، و(مفاتيح السعادة) واحد من عشرات البرامج التي قُدّمت، التي اعتمد تقديمها الحداثة والأسلوب العصريّ في تقديم المحاضرات، وتخلّل ذلك البرنامج السفرات الدينيّة والترفيهيّة والتسوّق، وهي من الطرق التي تكسر الرتابة والملل عند المشاركات. من كنف قمر العشيرة أبي الفضل العبّاس (عليه السلام)، وتحت ظلال تلك الرعاية، فبلا شكّ أنّ تلك البرامج التي تُقدّم فاعلة وذات فوائد جمّة، تصبّ في خدمة المجتمع؛ لأنّ القدوة في تلك البرامج هي السيّدة العظيمة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، الأنموذج الكامل للمرأة، فعلى المواليات السير على نهجها المبارك في إدارة شؤون الحياة عامّة، والتعامل مع الزوج خاصّة.