الحَياةُ الزَّوجيّةُ المُستقِرّةُ... وَصْفاتٌ للقِيمِ الإنسانيّةِ والأخلاقيّةِ، (هُنَّ) يستنشقنَ عطرَها من تاريخِ الجَدّاتِ وتجاربِ الأمّ
الحديث عن المرأة هو خوض في فلسفة الحياة، وتاريخ المرأة وواقعها المعاش، بعض النساء تأثّرنَ بمدارس الأجيال السابقة من النساء كالجدّات والأمّهات، وبعضهنّ تأثّرن بالمدارس الحديثة، والتمييز بين كلتا المدرستين في الهويّة، والمفاهيم الإنسانيّة؛ لتبرز لنا ألوان الشخصيّات في الحياة بدّقة في الزواج المثاليّ، فما ثماره للفرد والمجتمع؟ هالة القداسة تتوقّف الكاتبة الروائيّة (حنان لاشين) عند عبارة الزواج المثاليّ قائلةً: أظنّها لا تتحقّق في عالم مليء بالاختلافات في الرأي، والطبيعة النفسيّة لكلّ فرد، لكن هناك عوامل تُسهم في نجاح الزواج، إذ إنّه لا يتوقّف على التديّن فقط، بل هناك شيء آخر ضروريّ ومهمّ يترافق معه، ولا بدّ من أن ننتبه إليه؛ فالزواج ليس الانتقال إلى قصر فوق السحاب، تكون الحياة فيه ورديّة، وخالية من المشاكل، المرأة تحتاج إلى شريك يقوّيها، يتحمّل ضربات الأيام معها، يمسك بيدها إن سقطت، ثمّ ينظر إلى نهاية الطريق معها، ويخبرها بأنّها بخيرٍ وأنّه معها؛ وفي الحقيقة إن اختار الرجل المرأة لروحها، فلن يتركها إن قرّرت أن تنتقل والدتها إلى بيتها، ذلك العطر الذي تشمّ كلّ فتاة شذاه في كلّ موقف. نجد أنّ العطر يجوب أركان الروح ويؤثر فيها إيجابيًا، ويبقى التمحيص في الاختيار أهمّ هالة لقداسة الحياة الزوجيّة، وعنصرًا مهمًّا من عناصر نجاح رواية الحياة الزوجيّة المستقرّة. فوارق تُصنع رسّامة الديجتال (زهراء خضر الموسويّ)، مع عهدها الجديد بالزواج تبيّن بأنّه لا وجود للمثاليّة في أيّ شيء تقريبًا، وهذا ما يصنع جمال كلّ شيء، الهفوات والأخطاء والزلّات مجتمعة هي ما تصنعنا، نصل إلى نتيجة إيجابيّة مرضية عبرها، إنّ الفوارق هي ما يزيّن الحياة، وتعطيها أطوارًا متنوّعة، وهذا ينطبق على العلاقات أيضًا مثل الأشخاص، وتوقّع المثاليّة هو ما يجعلنا في الغالب نُحبط من فكرة الزواج. وأجد أنّه من ثمار الزواج التحمّل، وأن يكون الزوجان سندًا وعونًا لبعضهما على الصعيدين النفسيّ والماديّ. وعلى كلّ فتاة مقبلة على الزواج ـ وهو أحد أهمّ القرارات المصيريّة لحياة (هي) ـ أن تبني الارتباط على أسس رصينة تدوم، والأخلاق هي من أهمّ الصفات التي يجب أن تبحث عنها الفتاة؛ فهي تعكس البيئة التي تربّى فيها الزوج. إضافة إلى عدم المقارنة، فالنظر إلى حياة الآخرين سيجعلنا غير راضين عن الحياة مهما كانت جميلة. إدارة مستقبليّة لمعت عينا خيريّة عبّاس حجازيّ، أمّ لأربعة أولاد، وقالت: المرأة هي مَن تقوم بتأسيس إدارة قويّة كإدارة جدّتي لأسرتها، ففي سنّ الـ(84) جمعت جدّتي دعاءها وصلاتها ورحلت إلى الآخرة، وبعدها بانت حكمتها في أبنائها عندما كان يسأل جدّي عن جدّتي، فيجيب أبناؤها بأنّها ذهبت إلى مزرعة أخرى، إلى أن وصل فصل الربيع، وكان جدّي يسقي وردات جدّتي ويقول بينه وبين نفسه: "أشكر الله على نعمتين: نعمة ذهبت وهي أنتِ، ونعمة أولادي الذين أحسنتِ تربيتهم بخوفهم عليّ، ولن أخبرهم بأنّي عرفتُ برحيلكِ، حتّى أبقى أسأل عنكِ وأنتظر قدومكِ"، موقف حفر كلّ المعاني الجميلة في ذاكرتي، كلّما فاح عطر أزهار الزعتر قصصتُ هذه القصّة على أبنائي، فهي إدارة بمعنى الكلمة، تحافظ فيها على أفراد المجموعة. تحديد محفّزات الغضب تجيب السيّدة زينب صلاح الرضواني/ مديرة مدرسة (المبدعون) الأهليّة ذات الـ(26) عامًا: في عالم الحياة الزوجيّة والأمومة قد تستغرق الحياة الزوجيّة وقتًا وجهدًا كبيرين لفهم مصطلحات وقوانين ومعادلات قد ننجح في حلّ بعضها، والبعض الآخر نخفق في حلّه، لكن تدريب النفس على التحلّي بالصبر بخاصّة مع الأشياء الصغيرة التي قد تجعل من المرأة فردًا صبورًا إلى ما هو أصعب، لتبدأ مرحلة تحديد الأشياء التي تغضب بسببها وتوتّر صفو الأسرة، لتكون الخطوة الأخيرة مكاشفة محفّزات الغضب التي تؤثر في صفو الحياة واستقرارها مع الشريك ليكون الحلّ مشتركًا بين الطرفين ويرضيهما، إضافة إلى التعرّف على السمات الشخصيّة فيما يحبّ ويكره. تحقيق التوازن تجيب الأستاذة فاطمة جعفر أحمد/ مدرّبة في معهد (كنغستون) البريطانيّ: إنّ المرأة الناجحة في نظري هي التي تبحث عن التوازن وليس مجرّد شعار تتخذه في حياتها، إنّه بالفعل واقعٌ تعيشه العديد من النساء المؤمنات في عالمنا العربيّ، وهذا لا يعني أنّه لا كدر ولا عناء في الحياة، بل الحدوث والإمكان دليل على الوقوع. الزواج المثاليّ هو حلم كلّ فتاة تتطلّع للاقتران بفارس الأحلام، ذاك الذي يفرش الأرض لها بالياسمين، ويسقيها رغدًا من تسنيم الحياة الدنيا. حين يدور الحديث عن الزواج المثاليّ، أجد أنّه ما من مدرسة خاصّة تعلِّم فنّ الحياة الزوجيّة السعيدة، أو أسس هذه الحياة، ولا حتّى العلاج الناجع لأيّ مشكلة قد تدبّ بين الزوجين على حين غرّة، إلّا أنّ الفتاة الواعية المتمسّكة بإيمانها ويقينها بأنّ الله يرزق مَن يشاء بغير حساب، وأنّه سبحانه يكتب لعبده الأفضل والأنسب، ستكتشف السبيل إلى هذا الزواج المثاليّ مثلما يُطلق عليه، ولعدّة أسباب لا أعلمها، في صغري كنتُ دائمًا أنظر بتفحّص لكلّ زوجين في محيط عائلتي، استلهم دروسًا واقعيّة لحياتي لترشدني إلى ما يجب فعله أو تركه، أو تكراره أو عدم التفكير فيه. بامتياز.. السيّدة خديجة (عليها السلام) ترى الداعية فاديا حيدورة أنّ الله تعالى وضع أنموذجًا يقتدي به الإنسان في كلّ ما كلّفه به، والعائلة تدخل تحت هذا العنوان، وقدوتهم الواضحة هو النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله) وزوجته السيّدة خديجة (عليها السلام)، فمن أهمّ صفات الزوج: أولًا: إنّه لن يحاول أن يثبت نفسه لعائلته، بل يكون في خدمة العائلة وتأمين مصالحها، فهو على المستوى الشخصيّ يعطي ولا يأخذ. ثانيًا: عندما يؤسّس بيتًا فهدفه الارتباط بالله تعالى وبناء الآخرة، ولا يهدف إلى زخارف الدنيا وبناء القصور وتكديس الأموال، فهو يبذل الدنيا مقابل الآخرة، ولن يشتري الدنيا بالآخرة، والمثال الجليّ بذل أموال السيّدة خديجة (عليها السلام). ثالثًا: هو بيت البصيرة والجهاد والتحمّل (حصار شعب أبي طالب). رابعًا: التلاحم والتراحم والارتباط القويّ بين أفراد هذه الأسرة، ورسم ظلال تسعد بها النفس التي تبحث بين طيّات التاريخ عن قواعد رصينة. كثيرة هي المصادر الحياتيّة الخاصّة بالحياة الزوجيّة، سواء في القرآن الكريم والسيرة النبويّة، أم في الكتب والمجلّات المتخصّصة في الأسرة؛ ليكون الزواج هو أعلى درجات الأمل في بلد الطموح، وتبدأ المعادلة التي لا بدّ من أن يسعى إليها كلّ من (هي) و (هو) لأجل حياة أسريّة مستقرّة وآمنة.