رياض الزهراء العدد 83 شبهات قانونية
شُرُوطُ الحَاضِن
يُشترط فيمن يثبت له حق الحضانة من الأبوين أو غيرهما أن يكون عاقلاً، مأمونا على سلامة الولد، وأن يكون مسلماً إذا كان الولد كذلك، فلو كان الأب مجنوناً أو كافراً – والولد محكوم بالإسلام - اختصت أمه بحضانته إذا كانت مسلمة عاقلة، وكذا لو كانت الأم مجنونة أو كافرة – والولد محكوم بالإسلام – اختص الأب بحضانته إذا كان مسلماً عاقلاً، وهكذا الحال في بقية من له حق الحضانة من الوصي وذوي القربى. والحضانة كما هي حق للأم والأب أو ذوي القربى كذلك هي حق للولد عليهم، فلو امتنع هؤلاء عن الحضانة أُجبروا عليها، ويجوز لكلّ من الأبوين التنازل عن حقّ حضانته للآخر إلى تمام مدة الحضانة أو بعضها. وعند مباشرة الأم للحضانة لها أن تطالب بالأجرة على ذلك، ولها أن توكل الحضانة إلى غيرها مع الوثوق بقيام غيرها بها على الوجه اللازم شرعاً. وتنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيداً. وسن الرشد هو السن الذي يحسن الولد فيه التصرف على نحو يميّز أفعاله خيرها من شرها وضرّها من نفعها. فإذا بلغ رشيداً لم يكن لأحد حقّ الحضانة عليه حتى الأبوين فضلاً عن غيرهما، بل هو مالك لنفسه ذكراً كان أم أنثى، فله الخيار في الانضمام إلى مَن شاء منهما أو من غيرهما، ومع كلّ ذلك يجب على الولد أن يكون حكيما في كيفية اجتناب إيذائهما في حالة انفصاله عنهما، هذا هو ما استنبط من آيات القرآن الكريم وأحاديث المعصومين (عليهم السلام) ولكن هنا ينبغي الإشارة إلى أن المشرع العراقي في قانون الأحوال الشخصية عدّ الأم أحق بحضانة الولد سواءً كانت الأم مسلمة أم غير مسلمة، وصريح القرآن يقول: (... وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)/ (النساء:141). إن نظرة الإسلام المستقبلية للإنسان وتنظيم شؤون الحياة كافة جعل من الإسلام هو الشرط الأساس للولاية على المسلم سواء كان حق الحضانة أم الوصاية أم غيرها. الإسلام كافل للمسلم وغير المسلم فمضمون الآية المباركة يبيّن بكل وضوح على عدم جواز حضانة غير المسلم على المسلم سواءً كان ابا أم أماً أم غيرهما ممّن له حقّ الحضانة, فالإسلام شرط من شروط الحاضن, واستدلوا على ذلك زيادةً على ما ذُكر في صريح القران الكريم بقول الرسول: (صلى الله عليه وآله) "الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه"(1)، وقد اجمع العلماء على عدم جواز تسليم الصبي المسلم إلى الكافر. وهذا منطلق من روح الشريعة الإسلامية التي تقضي بمصالح المحضون ورعايته, وممّا لاشك فيه أنّ إلقاءه في أحضان الكفر قضاء على صلاحه في الدنيا والآخرة. وإن جميع الأحكام الإسلامية إنما شرّعت بالأساس لصلاح النوع الإنساني ودرء المفاسد عنه, فترك الصبي في أحضان أمّه الكافرة وتنشئته وتربيته في أجواء الكفر والفساد على الأعم الأغلب يقتضي أن يعتاد على فعل المحرمات وارتكاب القبائح والسيئات ومداومته عليها، فمن الصعب جداً انتزاعه وتخليصه من تغلّب مثل تلك الصفات الذميمة عليه, حتى وإن لحق بوالده المسلم بعد ذلك. كان يُفترض على القانون العراقي النظر إلى مثل هذه الأمور ومعالجتها وأن لا يجعل له رؤية ونظرة في قِبال نظر القران الكريم وتشريعه. .............................. (1) ميزان الحكمة: ج4، ص338.