الدَّعمُ النَّفسيُّ في مواجَهَةِ الأزماتِ

زهراء صلاح الطائيّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 202

تقديم أفكار إيجابيّة رحمانيّة ملهمة من قِبل الداعم للمستفيد هو بمثابة الدواء لجرح الاعتلال النفسيّ، حتّى تسكن مشاعره المضطربة وأفكاره المتضاربة، ولا يُشترط أن يكون الداعم طبيبًا متخصّصًا، بل بإمكان أيّ شخص لديه حسّ إنسانيّ عالٍ أن يقدّم الدعم النفسيّ، ممّن يمتلك بعض المعلومات العلميّة الصحيحة. للداعم صفات يجب أن تتوافر فيه، منها أن تكون لديه شخصيّة اجتماعيّة تستطيع التواصل مع الآخرين، وأن تكون لديه رغبة إنسانيّة في تقديم المساعدة، وكذلك التمتّع بالصبر والرحمة والعطف الشديد على المقابل، وبخاصّة مع الشخص الذي يعاني من اضطراب نفسيّ، وأن تكون لديه صفة الاستماع والتفاعل مع الحديث، حيث يعدّ الدعم النفسيّ المبكر الحلّ المناسب لكثير من المشاكل لدى أفراد المجتمع. وتعدّ الأسرة النواة الأساسيّة في تقديم الدعم النفسيّ للطفل من أجل إنتاج أجيال خالية من العُقد والمشاكل النفسيّة التي قد ينجم عنها ظهور حالات تؤذي المجتمع فيما بعد. إنّ علاقة الآباء بالأبناء ومدى القرب العاطفيّ بينهم كفيل بأن يوصل الطفل إلى الصحّة النفسيّة، والنموّ السليم في الشخصيّة، أو يحدث خللًا أو اعتلالًا نفسيًّا لدى الطفل، ممّا يسبّب له في المستقبل عقدًا كثيرة. إنّ من أهمّ أهداف الدعم النفسيّ هو تخفيف المعاناة والشعور بالألم نتيجة الصدمات، أو الضغوطات التي يمرّ بها الأشخاص، فالدعم النفسيّ يبدأ من طفولة الإنسان إلى كبره، حيث يسهم في تقديم أسس نفسيّة واجتماعيّة مهمّة، ويوفّر عوامل نفسيّة اجتماعيّة تكون مسؤولة عن سلامة الأفراد. وعند الحديث عمّا يمرّ به العالم اليوم من تقلّبات واضطرابات صحيّة واجتماعيّة واقتصاديّة في ظلّ جائحة كورونا ـ مرض العصر ـ نجد أنّ تلبية الاحتياجات النفسيّة للمجتمع في أثناء الأزمات والكوارث الوبائيّة باتت من أمور الحياة الأساسيّة، حيث أشارت الدراسات والأبحاث العالميّة إلى أنّ الأشخاص في أثناء التعرّض للأمراض يكونون أكثر عرضة للتقلّبات النفسيّة التي تؤثّر سلبًا في الجسد، فأصبح العمل على الدعم النفسيّ وتقوية الصلابة النفسيّة للأفراد حاجة ملحّة لتقبّل الواقع والتعايش معه. ومن آثار الدعم النفسيّ التخفيف من حدّة الخوف والهلع التي يُصاب بها الأشخاص، وبخاصّة الذين يعانون من الإصابة نتيجة تضليل الإعلام الأصفر، وبات الكلّ يعلم بأنّ الصحّة النفسيّة تؤدّي دورًا أساسيًّا في جميع الأمراض لتجاوز محنة المرض. ويكون الدعم النفسيّ والاجتماعيّ على نوعين: أولًا: الدعم النفسيّ على مستوى الأفراد والأفكار والمشاعر وردود الأفعال. ثانيًا: على مستوى المجتمع والعلاقات والشبكات الأسريّة، والقِيم والعادات الاجتماعيّة. ويمكن للدعم النفسيّ ونشر الثقافة النفسيّة حلّ الكثير من الأزمات التي تضرب المجتمع كحالات الانتحار، القتل، تفاقم المرض، وبخاصّة الأمراض المستعصية التي يصعب علاجها كالسرطانات والأوبئة، عبر تهيئة الأفراد نفسيًّا.