وَفاةُ رَبيـبَةِ النُّـبـوّةِ

سوسن بدّاح خياميّ/ لبنان
عدد المشاهدات : 149

في الخامس من شهر ربيع الأول من كلّ عام نقف عند أعتاب الزمن الأليم، نستحضر ذكرى وفاة ربيبة بيت النبوّة السيّدة سكينة بنت الإمام الحسين والرباب (عليهم السلام)، حفيدة الإمام عليّ والسيّدة فاطمة الزهراء (عليهما السلام)، عمّتها السيّدة زينب وأخوها الإمام زين العابدين (عليهما السلام)، وهي عمّة الإمام الباقر (سلام الله عليهم أجمعين)، هي مولاتنا (آمنة)، سمّتها أمّها الرباب (سكينة)؛ لجميل هدوئها وسكونها، نشأت وتربّت على يدي أبيها أبي عبد الله (عليه السلام)، وإلى جانب عمّتها زينب وأخيها السجّاد (عليهم السلام)، فكانت محاطة بهالة من الأنوار سادة بني هاشم الميامين، ما جعل منها سيّدة نساء عصرها، تفوقهنّ وقارًا وعفّة وعقلًا، وكانت تزيّن مجالس النساء بأدبها وعلمها، وكان منزلها مقصدًا للتعلّم والتفقّه، ونشر علوم آل البيت (سلام الله عليهم)، شهدت السيّدة سكينة واقعة الطفّ بكلّ مآسيها وتفاصيلها، ورأت آل بيتها شهداء مقطوعي الرؤوس، وعاشت آلام رحلة السبيّ المفجعة. وكان أبوها قد خاطبها بأبيات من الشعر مصبّـرًا إيّاها على فقده، قائلًا: لا تحرقي قلبي بدمعكِ حسرةً ما دام منّي الروح في جثماني فإذا قُتلتُ فأنتِ أولى بـالذي تأتيـنه يا خيــرة النـســوان(1) هذه الأبيات تعطي صورة واضحة عن مكانة السيّدة سكينة في نفس أبيها، كانت مثالًا يُحتذى به للسيّدة المجاهدة في سبيل ربّها، القوية بمواقفها وعقيدتها، كانت خير ناشر لواقعة الطفّ وآلام رحلة السبيّ من الكوفة إلى الشام، وإيصال رسالة أبيها إلى العالم، ومَن يكون أصدق من ربيبة بيت الإمامة والطهر؟ بعد واقعة الطفّ انتقلت السيّدة سكينة إلى رعاية الإمام السجّاد (عليه السلام) لتتابع نشر العلم والأدب، حيث كانت حياتها مليئة بالعمل الاجتماعيّ، لكن فاجعة كربلاء صبغت حياتها بالفجيعة، وطبعت في ذاكرتها مأساة يوم عاشوراء وأهواله، ولازمها الحزن والبكاء طوال (56) عامًا من حياتها، إلى أن انتقلت روحها الطاهرة إلى بارئها في عام (117هـ)، ودُفنت بحسب بعض الروايات في المدينة المنوّرة في البقيع، وهناك روايات تقول بأنّها دُفنت في الشام لكونها كانت ملازمة لعمّتها زينب (عليها السلام)، وروايات أخرى تقول في مصر.(2) ............................... (1) المنتخب من الشعر الكربلائيّ: ص63. (2) سلسة تراث العلماء ـ السيّدة سكينة (عليها السلام): ج9، ص145.