دَارمِيّةُ الحَجُونيّةُ الكِنَانِيّة


عدد المشاهدات : 141

كانت من فضليات النساء، راجحة العقل، فصيحة اللسان، قوية الحجّة، صادقة الولاء لأمير المؤمنين وسيّد الأوصياء عليه أفضل الصلاة والسلام. لها حكاية مع معاوية بن أبي سفيان ظهرت بها فصاحتها، وقوّة حجّتها، ورجاحة عقلها، وصدق ولائها، وإشراق ثناها. روى ابن عبد ربّه في العقد الفريد(1) عن سهل بن أبي سهل التميمي، عن أبيه، قال: حجّ معاوية فسأل عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل بالحَجُون(2) يقال لها دارمِيّة الحجونية، كانت سوداء كثيرة اللحم، فأخبر بسلامتها، فبعث إليها فجيء بها، فقال: ما حالك يا بنةَ حام؟ فقالت: لست لحام إن عبتني، أنا امرأة من بني كنانة. قال: لا يعلم الغيب إلّا الله. قال: بعثت إليك لأسألكِ: عَلامَ أحببتِ علياً وأبغضتني، وواليتِه وعاديتني؟ قالت: أو تعفني؟ قال: لا أعفيك. قالت: أما إذ أبيت، فإنّي أحببت علياً على عدله في الرعيّة، وقسمه بالسويّة. وأبغضتك على قتالك مَن هو أولى منك بالأمر، وطلبتك ما ليس لك بحقّ. وواليت علياً على ما عقد له رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الولاء، وحبّه للمساكين، وإعظامه لأهل الدين. وعاديتك على سفكك الدماء، وجورك في القضاء، وحكمك بالهوى.. قال لها: ويا هذه هل رأيت علياً؟ قالت: إي والله. قال: كيف رأيته؟ قالت: رأيته والله لم يفتنه الملك الذي فتنك، ولم تشغله النعمة التي تشغلك. قال: فهل سمعت كلامه؟ قالت: نعم والله، فكان يجلو القلوب من العمى، كما يجلو الزيت صدأ الطست. قال: صدقتِ، فهل لك من حاجة؟ قالت: أو تفعل إذا سألتك؟ قال: نعم. قالت: تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها. قال: ماذا تصنعين بها؟ قالت: أغذو بألبانها الصغار، واستحيي بها الكبار، واكتسب بها المكارم، وأصلح بها بين العشائر. قال: فإن أعطيتك ذلك فهل أحلّ عندك مَحَلّ عليّ بن أبي طالب؟ قالت: ماء ولا كصدَّاء، ومرعى ولا كسعدان، وفتى ولا كما لك، يا سبحان الله أو دونه. فأنشأ معاوية يقول: إذا لَم أَعُدْ بالحلمِ منّي عليكُمُ خُذِيها هنيئاً واذكري فِعْلَ ماجدٍ فَمَنْ ذا الذي بَعْدِي يؤملُ للحلم جَزاكِ على حَرْبِ العداوةِ بالسلمِ ثم قال: أما والله لو كان عليّ حيّاً ما أعطاك منها شيئاً. قالت: لا والله، ولا وبرة واحدة من مال المسلمين.(3) .............................. (1) العقد الفريد: ج1، ص127. (2) الحَجُون: جبل بمكة. (3) ينظر: أعلام النساء المؤمنات: ص381.