رياض الزهراء العدد 83 لحياة أفضل
أَبناؤُنا جِيلُ المُستَقبَلِ_ 13
بكاء الطفل: أول عمل يقوم به الطفل عند خروجه إلى الدنيا هو البكاء، ويستدل به على كونه حياً؛ لأن لديه ملكة الكلام والتخاطب وقد عوّضه الله (عز وجل) بالبكاء؛ لأجل التفاهم مع مَن حوله وبخاصة أمّه، فكلّ أم تعرف ما يشعر به ابنها عن طريق بكائه، وللبكاء أثر صحي في الوليد، فهو يخلّصه من الرطوبة المتجمّعة في جسده ورأسه التي تؤدي إلى الإصابة بالعمى فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "اعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة، واعلم أن في أدمغة الأطفال رطوبة إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثاً جليلة، وعللاً عظيمة من ذهاب البصر وغيره، فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم، فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم، والسلامة في أبصارهم، أفليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء، ووالداه لا يعرفان ذلك، فهما دائبان ليسكتاه ويتوخيان في الأمور مرضاته لئلا يبكي، وهما لا يعلمان أن البكاء أصلح له وأجمل عاقبة".(1) وهذه الرطوبة إذا بقيت في دماغ الطفل قد تعرّضه لمرض التهاب السحايا. ويُحيط بالدماغ والحبل الشوكي سائل شوكي دماغي يوجد بين الغشاء العنكبوتي وبين ما يُسمّى بغشاء الأم الحنون اللذين يشكلان طبقتين من الطبقات الثلاث المسماة بالسحايا، وهذا المرض له مخاطر أقلّها أن يُصاب الطفل بعطلٍ دائم في جسمه مثل: الصمم، والعمى، والتدهور العقلي. والبكاء له فائدة أخرى، إذ إنه يقوّي عضلات الرئتين إذا ما تراوحت مدّته بين (15 – 20) دقيقة ويتصور بعضهم أن البكاء محصور بحاجة معينة من لوازم الطفل. وقد ثبت علمياً أن لحالة الأم أثراً في بكاء الطفل فالولد البكر يكون أكثر بكاءً بين إخوته وأخواته؛ وذلك لأن الأم تكون أقل خبرة في معرفة وليدها وكيفية الاهتمام به، وتكون قلقة بشأنه؛ لعدم معرفتها بسبب بكائه فإذا كانت قلقة سوف يؤثر ذلك في بكاء وليدها لقلقها، بخلاف إذا كانت هادئة الأعصاب ومرتاحة المزاج، فسوف يؤثر فيه إيجاباً، فيكون هادئاً ومرحاً. وهناك حالة غريبة نشاهدها في الطفل، إذ نراه تارة يضحك وتارة أخرى يبكي بعد ضحكه، فما هو سرّ ذلك يا ترى؟ يتضح ذلك من كلام الإمام الصادق (عليه السلام): "يا مفضّل ما من طفل إلاّ وهو يرى الإمام ويناجيه، فبكاؤه لغيبة الإمام عنه، وضحكه إذا أقبل إليه حتّى إذا أطلق لسانه أُغلق ذلك الباب عنه، وضُرِب على قلبه بالنسيان"(2)، وهذا ما تفرّدت به الشيعة من المعارف على سائر الأمم. ..................................... (1) بحار الأنوار: ج3، ص65. (2) مستدرك سفينة البحار: ج1، ص451.