رياض الزهراء العدد 175 همسات روحية
آدَابُ الصَّدَاقَةِ
مضمون السؤال: أنا طالبة في المرحلة المتوسطة، وهي مرحلة التغيّر والنضج، وصعوبة اتخاذ القرارات، منها اختيار الصديقة، فما القواعد الأساسية لاختيار الصديقة؟ مضمون الرد: اعلمي أيّدكِ الله تعالى للعمل أنّه متى ما أردتِ الصداقة، فليكن قصدكِ خاليًا من الأغراض الدنيوية، بل اجعليه لله وفي الله، مثلما تواترت الأخبار في ذلك، وإلّا فإنّ المؤاخاة في غير الله تعالى مصيرها اليأس والندم. ومن القواعد الأساسية للصداقة التي أبدؤها بـالحديث الشريف بإسناد المجاشعيّ، عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) أنّه قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم مَن يخالل" (1). الأولى: أن تكون عاقلة، وذلك بأن تعلم حدود الأمور على ما هي عليها - ولو بالتعلّم من الغير - فإنّه لا خير في مصاحبة الأحمق، فمن البداهة بمكان أنّ الأحمق يريد أن ينفعكَ - بزعمه - فيضرّكَ في دينكَ أو دنياكَ، نتيجة لجهله وقلّة التفاته. الثانية: أن تكون ذات خُلُق حسن، فلا يكفي مطلق العقل رادعًا، إذ قد تستولي عليه قوة الشهوة والغضب، فيعمل خلاف مدركاته العقلية ولو من غير عمد، فيقع في المفاسد العظيمة. الثالث: أن تكون من أهل التقوى والصلاح، فإنّ الشخص الفاسق الذي لا يتقي غضب الله (عزّ وجلّ)، كيف لا يخالفكِ عندما توصيه بالحقّ؟ فهو يدور مدار أهوائه، ويتلوّن بألوان شتّى بحسب اختلاف أغراضه، والذي يشهد على هذا المدّعى قوله تعالى: (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (النجم: 29)؛ لأنّ من آثار معاشرة الفاسق صيرورة المعاصي هيّنةً في نظر مَن يصاحبه. الرابعة :ألّا تكون حريصة على الدنيا، فإنّ مجالستها كالسمّ القاتل الذي يسري بمقتضى طبيعة الأشياء. ولعلّ جميع ما ذُكر يشير إليه الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: "...واحذر أن تؤاخي من أرادكَ لطمع أو خوف أو ميل أو للأكل والشرب، واطلب مؤاخاة الأتقياء، ولو في ظلمات الأرض وإن أفنيتَ عمركَ في طلبهم، فإنّ الله عزّ وجلّ لم يخلق على وجه الأرض أفضل منهم بعد الأنبياء والأولياء، وما أنعم الله على العبد بمثل ما أنعم به من التوفيق بصحبتهم، قال الله عزّ وجلّ: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف: 67). فلو رأيتِ صديقة متّصفة بهذه الصفات الحميدة، فعليكِ ألّا تجهلي قدرها؛ لئلا تُبتلي بفقدها. ............................................... (1) بحار الأنوار: ج71، ص192. (2) المصدر السابق: ج71، ص282.