رياض الزهراء العدد 175 لحياة أفضل
الوَهنُ الأُسَرِيّ
هو انقطاع الرابط الذي يربط الزوج بزوجته، أو الأبناء بآبائهم أو أمّهاتهم، وهذا ما يشمله الوهن الذي يصيب أصغر خلية اجتماعية والتي تنقطع فيها روابط العلاقات بين أفرادها، فتصبح واهية ومنقطعة في بعض أوصالها، وبخاصّة الأسرة النووية*. أنواع الوهن الأسري: ١- الأسرة التي ليس لديها أبناء. ٢- المرأة الأرملة. ٣- المرأة المطلّقة. ونلاحظ أنّ هذه النماذج الأسرية تتضمّن انقطاع أحد الروابط الأسرية، ويتوضّح لنا غياب الرابط الوجداني داخل الأسرة الذي يعني وهنًا، والذي يؤدي بدوره في أغلب الأحيان إلى عدم إدامة النسق الأسري وصيانته داخل الهيكل الاجتماعي، فضلاً عن ذلك نصل إلى حقيقة جوهرية مفادّها أنّ الخلية الأسرية أساس تنظيم المجتَمع، ووهن وظائفها أو فتور حيويتها يعني اضطرابًا في نشاطها، ووهنًا في تنظيمها. وكذلك عدم خضوع الأبناء لسلطة أحد الأبوين يعدّ وهنًا، لكن الرباط الأسري بين الأبناء والأبوين يبقى قائمًا وساريًا داخل الأسرة، وتبقى هناك فجوة تفاعلية علائقية بينهما، وهذا يشير إلى الوهن الأسري المستتر؛ لأنّه لم يصل إلى انهيار بنية الأسرة، ولم يقترب من تمزيق نسيجها، بل مكتوم بسبب خوفهم من كلام الناس أو من إحدى وسائل الضبط الاجتماعي، وهناك حالات يحصل فيها اختلاف بين الزوج والزوجة عند حصول خيانة زوجية، وبسبب الأعراف الصارمة على الطلاق، تبقى العلاقة الزوجية الشكلية قائمة، لكنّهما منفصلان نفسيًا وجسديًا، وهناك حالة أخرى من الوهن الأسري المستتر، مثلًا عندما تعمل الأمّ خارج المنزل فأنّها تبتعد عن أسرتها وجدانيًا وأسريًا، وهذه الحالة قد تجعل منها شبه غائبة عن أسرتها، فتحصل صورة صغيرة من تقطّع الرباط الزوجي والأمومي، لكنّه مسكوت عنه لأنّه يحقّق الفائدة المادية، ولكن هذا لا يعني أنّ أيّ تغيير يحصل في المجتمع سيؤدّي إلى الوهن الأسري، بل هناك حالات تبقى الأسر فيها محافظة على رصانتها وروابطها وهي في حالة تغيّر، فالأسرة التي تقطن في المدن تواجه تحوّلات عديدة يتأثر بعضها بطبيعة المنطقة السكنية، ولا يتأثر البعض الآخر، ولكي نلقي الضوء بشكل واسع على الوهن الأسري علينا أن نتعرّف على عالم (الاعتلال الوظيفي للأسرة): إنّ انقطاع أحد الروابط الأسرية بين أعضائها يعدّ وهنًا، ونحن نعلم أنّ من وظائف الأسرة الأساسية هي وظيفة التوجيه والإرشاد لأبنائها بحسب القِيم والعادات السائدة والموروثة في المجتمع، فإذا حصل خلل في هذه الوظيفة، فإنّ ذلك يعني وهنًا أسريًا قد أصاب وظيفتها، ثمّ الوظيفة الثانية هي البايولوجية التي تُعنَى بإنتاج أعضاء جدد بحسب متطلّبات التنشئة الاجتماعية السائدة في المجتمع، فإذا انعدمت هذه الوظيفة بسبب مرض أحد الزوجين أو عقم أحدهما، فإنّ ذلك يعني وهنًا أسريًا قد أصاب وظيفتها. والوظيفة الثالثة هي الوجدانية والعاطفية التي تقدّم الحبّ والحنان والدفء، فإذا فشلت أو غابت داخل المحيط الأسري، فإنّ ذلك يعدّ وهنًا أسريًا. إنّ التغيّر الذي يحصل في البنية الأسرية لا يعني تحطّم الأسرة وأعضائها، بل يحدث تحوّل في مكانة الزوج أو الزوجة أو كليهما، أو في حجم الأسرة أو في مستوى معيشتها، فيحصل نوع من الاستبدال في الوظائف، لكنّها لا تموت ولا تفنى، بل تتحوّل إلى حالة أخرى. ........................................ * يُطلق مصطلح الأسرة النوويّة أو الأسرة النواة على الأسرة المتكوّنة من الزوج والزوجة وأبنائهما.