كَيفَ تُوَاجِهُ الفَشَلَ

فردوس نعيم الظالمي/ المثنى
عدد المشاهدات : 175

ربّما الأشخاص الناجحون الذين يشار إليهم بالبنان، الذين يتبادر إلى أذهاننا أنّهم لم يعرفوا الفشل يومًا؛ لأنّنا رأيناهم في موسم الحصاد ولم نرهم في موسم الحراثة والبذور، وإذا عدنا إلى مسيراتهم في الحياة في موسم البذور، فسنجدهم أكثر الأشخاص تعرّضًا للفشل والإحباط والخذلان، وأنّهم يومًا ما قد وصلوا إلى طرق مظلمة ومغلقة، إلّا أنّهم غيّروا الاتجاه ولم يتسلّل إلى قلوبهم هاجس الخوف والفشل والإحباط من المستقبل مهما كان حجم الفشل؛ لأنّ الفشل ببساطة هو أول مراحل النجاح، وقد لا نغالي إذا قلنا إنّه المرحلة التنويرية والممهّدة له؛ لأنّ الإنسان الناجح ليس ذاك الذي يتتابع النجاح في حياته كلّ مرة، لكنّه ذاك الذي ذاق الفشل مرات عديدة ولم يتراجع أو ينثني عن عزيمته إلى أن وصل إلى مبتغاه، وحقّق النجاح فيما بعد، وقد يقوم الفشل بصقل الإنسان وإكسابه الخبرة والتعرّف على مواطن الضعف لديه من البداية حتى لا يقع فيما بعد في أخطاء أكبر، أو عندما يقطع شوطًا كبيرًا ثمّ يخفق، وتكون الصدمة أكبر عليه وتجاوزها أصعب فيما بعد. وللتغلّب على الفشل هناك أمور عدّة نحسبها مجدية وفعّالة في الوصول إلى النجاح إذا ما قمنا بتطبيقها، وقد تكون من أهمّ الدعائم التي يستطيع الفرد الاتّكاء عليها في سبيل المضي في دروب الحياة والتغلّب على الفشل، ومنها: 1- الإيمان والثقة بالنفس: يعدّ الإيمان بالنفس سرّ النجاح في كلّ شيء، فإذا كنتَ تؤمن بنفسكَ، وبقدراتكَ في تحقيق ما تطمح إليه فسيتوجّه كلّ مَن حولكَ نحوكَ، ويُسخّر لكَ في سبيل إنجاح عملكَ. 2- تقدير النفس واحترامها ومنحها الثقة يفتح للشخص آفاقًا كثيرة لم يكن ليدركها إلّا عن طريق ثقته بنفسه، فالطريق إلى الإبداع والتقدّم والنجاح لا يتكلّل إلّا بالثقة بالنفس. وهناك أشخاص يتمتّعون بقدرات عقلية وإبداعية، ولكنّهم لم يستثمروها بسبب التردّد والخوف من الفشل، ويعود ذلك إلى ضعف شخصيتهم، ويقول المرشد النفسي (محمّد الخطيب) عن الثقة بالنفس، هي: "إيمان الفرد بذاته وبأهدافه ومؤهلاته، وصفاته، وقدراته، وقدرته على اتخاذ القرارات بقوة، بناءً على تقييمه للمعطيات لتحقيق النجاح بكلّ ثقة" (1). ٣- الاستفادة من فشل الآخرين، وتجنّب الوقوع بما أخفقوا فيه، وتجنّب الطرق الخاطئة التي سلكوها مع الأخذ بنصيحة الصادقين منهم. ٤- البعد عن الخوف من الفشل والإحباط والتوتر، وعدم التفكير بالعواقب المحبطة، بل التفكير الإيجابي وجعل النجاح دائمًا نصب أعيننا؛ لأنّ ذلك يسهم إيجابًا في تجنّب الفشل والوصول إلى الهدف المنشود. ٥- اكتشاف نقاط القوة والضعف والجوانب الإيجابية في دواخلنا، والتعامل معها بالشكل الذي يليق بها، واستثمارها بصورة صحيحة. ٦- المغامرة، وعدم التردّد، وتجربة كلّ جديد، فهذه الأمور تقتل الخوف في داخل النفس، مثلما تسهم في تحرّر الفرد من قيود الفشل، وتعمل على تقوية ثقته بنفسه في القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة على أكمل وجه، وعدم الاستماع للآراء المحبطة والتدخّلات الفاشلة وأصحاب الفضول؛ لأنّهم يتسبّبون بتسلل الطاقة السلبية إلى داخلكَ، والتأثير في نشاطكَ بصورة معكوسة. 7- أن يبحث الإنسان عن مواهبه ويتعلّم مهارات جديدة، والبحث عن مواهب يمتلكها من الأمور التي تجعل منه مبدعًا وذكيًا وقادرًا على تخطّي الفشل، وكذلك عقد العلاقات الاجتماعية والإلمام بأمور الحياة والثقافة الموسوعية، وعدم الاكتفاء بالتخصّص والعمل الملزم به. هذه بعض الأمور التي تسهم في تجنّب الفشل بعد التوكّل على الله، والإيمان بالتخطيط الإلهي الذي يختاره الله سبحانه وتعالى لنا دائمًا، وإن كان لا يرضينا إلّا فيما بعد.