رياض الزهراء العدد 176 همسات روحية
التَّأَسِّي بِالزَّهراءِ (عليها السلام)
مضمون السؤال: ونحن في شهر جمادى الأولى تشدّنا مناسبة استشهاد السيّدة الزهراء (عليها السلام)، فكيف لي بصفتي زوجةً وأمًّا أن أقتدي بها (عليها السلام)؟ مضمون الردّ: سدّد الله خطاكم، لعلّ سؤالكم تحيطه هالة من رفع مستوى الهمّة، وهي الاستفادة من مناسبات القادة المعصومين (عليهم السلام)، فعلى المتأسّي بهم أن يتأسّى بهم في حركة الحياة، ولعلّ أبرز تلك النقاط هي الجمع بين التكاليف، فهي أول صفة تلفت النظر في حياة السيّدة الزهراء (عليها السلام). نحنُ مشكلتنا أنّنا نجعل لكلِّ شيءٍ ملفًا: فعندما نعمل، ننسى العبادة، وعندما نتعبّد، ننسى العمل، وكأنَّ الإنسان ينتقلُ من حقل إلى حقل؛ وهذا خطأ كبير! فالمؤمن يعيش كُلّ الحقول في آنٍ واحد، فالزهراء (عليها السلام) كان لها وظائف عبادية: فقيامُ الليل لفاطمة (عليها السلام) كقيام أبيها (صلى الله عليه وآله)، وكقيام أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ كانت تمضي ساعات من العبادة الليلية، ولها أيضًا نوافلها اليومية، وصلواتها، وصومها المستحبّ، ولكن انظروا إلى سيرتها في المنزل، فعن عليّ (عليه السلام) أنّه قال: "...أنا والله أخبركَ يا رسول الله إنّها استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها وجرّت بالرحى حتى مجلت يداها وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها"(1)، لم يكن الأمر سهلًا على هذهِ السيّدة، فكانت في عمر الزهور، وتقوم بأعمال المنزل، وكانت في خدمة أمير المؤمنين (عليه السلام) بتمام الخدمة، فالأسرة الأولى المثالية من خِلقة آدم (عليه السلام) إلى قيام الساعة، هي أسرة عليٍّ وفاطمة (عليهما السلام)، هكذا كانَ حالها (عليها السلام)، فقد جمعت بين عمل النهار المتعب، وبين العبادة، تلكَ هي سيّدة نساء العالمين، العابدة الأولى في تأريخ البشرية في صنف النساء!.. ................................ (1) علل الشرائع: ج2، ص366.