رياض الزهراء العدد 176 الملف التعليمي
لَمحَاتٌ مُضِيئَةٌ فِي فَضاءِ التَّغَيُّراتِ النَّمائِيَّةِ للمُتَعلِّمِينَ
منذ اللحظة الأولى لولادة الأبناء ودخولهم إلى عالم الدنيا، يتناغمون مع الحياة على الرغم من اختلاف كلّ واحد منهم عن الآخر في الصفات الجسمية والعقلية والذهنية، واختلاف القدرات في ما بينهم، وهذا ما سيكوّن لديهم الرغبة والدافع والفضول للوصول إلى مرحلة الفهم الأفضل للعالم المحيط بهم، وذلك يأتي بالفطرة لتحقيق المستويات في تنظيم الذات والتكيّف مع البيئة. لذلك تعدّ مرحلة الطفولة وبخاصّة مرحلة رياض الأطفال والتَّمهيد لدخول المدرسة، مرحلةً مهمّة في حياة المتعلّم، ومرحلةً تعليمية ضرورية في حياة الأبناء من كلا الجنسين: الذكور والإناث، فالسنوات التي يقضيها الأبناء في مرحلة ما قبل المدرسة تشهد العديد من التغيّرات الكثيرة والسريعة بين الآونة والأخرى، في طريقة تفكيرهم بأنفسهم تارة، وما يحصل حولهم تارة أخرى، ومن ثمّ سيتأثر هذا التغيّر حتمًا بجملة من العوامل النمائية والبيئية، حيث تشكّل أهمّية خاصّة تساعد الأبناء في تلك المرحلة على النموّ الطبيعي وفقًا للمظاهر والجوانب العقلية والجسمية والاجتماعية والانفعالية والروحية. ومن هذا المنطلق أكّد الباحثون والمتخصّصون في مجال التربية والتعليم على ضرورة تأهيل الأبناء والاهتمام بهم في المؤسّسات التمهيدية المتمثّلة في دُور الحضانة، ورياض الأطفال ذات الرصانة والمنهجية وفق النظام التربوي الممنهج المتضمّن لأنشطة (منتسوري) ومنهاجها؛ لاكتساب المهارات الأولية؛ لزيادة التآزر البصري والفهم والإدراك الذهني والتركيز والقدرات الحركية، مع أخذ الأبناء بعين الاعتبار، وإحاطتهم بالرعاية، وإشعارهم بالأمان، والاهتمام والإحساس الدافئ، والاستعداد لاستقبالهم بودّ وسرور، وإكسابهم قاعدة التقبّل، والتمتّع بمشاعر التفاعل المتبادل عن طريق المدح والتشجيع، ويمكننا القول بأنَّ الأساس في التفاعل مع المحيطين، سواء كان تفاعلًا لفظيًا أوعمليًا عن طريق ممارسة تمرينات مناسبة في الوسط المهمّ في حياتهم، واللغة بمفرداتها، ومخارج الحروف الصحيحة والسليمة التي تمثّل المهارة اللفظية، واشتراكها مع إشارات العقل تمثّل عاملًا مشتركًا يكمّل أحدهما الآخر، حيث تعتمد الأفكار على اللغة، وبالعكس تعتمد اللغة على التفكير، وكلاهما يحدثان في سياق الحياة الاجتماعية في تلقّي المعلومة، وإعادة إرسالها بأطر شفّافة وواضحة للمتعلّمين أولًا، ومن ثمّ الملاك التربوي والأهل والأقران، وينبغي خلق بيئة بيتية وصفية ذات وظيفة محورية لمساعدة الأبناء المتعلّمين في محاولاتهم لبناء لغة مقروءة ومكتوبة وفنّ المحاكاة الخاصّ بهم، ومن الضروري العمل على توفير القصص المشوّقة والمفيدة التي تناسب أعمارهم؛ من أجل إيصال رسالة قيّمة، وتحقيق هدف تربوي وأخلاقي يرتقي لمستوى عقولهم للمُثل والمبادئ، وتجهّزهم بالكتب المصوّرة والمزخرفة والوسائل التعليمية والألعاب المهارية، والتدريبات البدنية والرياضية التي تتيح لهم سهولة التواصل، وقطف ثمار النموّ الإيجابي والسليم لتلك السلسلة اللامعة في حياتهم.