رياض الزهراء العدد 176 صحة العائلة النفسية
ظَاهِرَةُ التَّنَمُّرِ: أسبَابُها وأنواعُها وعِلاجُها
يعدّ التنمّر شكلًا من أشكال الإساءة والإيذاء، موجّه من قِبل فرد أو مجموعة من الأفراد نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف جسديًا في الغالب، ويكون عن طريق الاعتداء البدني، أو الإكراه، أو التسلّط، والترهيب، والاستقواء، وغيرها من الأساليب العدوانية التي تهدف إلى الإضرار بشخص آخر عمدًا. أنواع التنمّر: هناك أنواع عديدة للتنمّر، منها التنمّر الجسدي كالضرب والدفع والعرقلة وغيرها، والتنمّر اللفظي الذي يشمل النعوت والألقاب السيّئة، والإهانة والترهيب والتجريح والتهديد والتعيير، والتنمّر الاجتماعي: وهدفه الإساءة إلى سمعة الشخص اجتماعيًا، كالإشاعات والكذب والإحراج، والتنمّر على الإنترنت عبر وضع أمور مهينة للشخص، سواء علنًا أو بالسرّ كالرسائل والصور والفيديوهات؛ لتشويه سمعته، والتنمّر العرقي على الدين أو اللون أو الجنس. أسباب التنمّر: لا يولد أحدٌ متنمّرًا، ولكن يمكن لأيّ طفل أن يتعلّم التنمّر ويمارسه في ظلِّ ظروف معيّنة، ومن الأسباب الشائعة التي تولّد التنمّر هو أنّ المتنمّر ضحية تنمّر سابق، ممّا يجعله يشعر بعدم القيمة والغضب، فيرمي بالتنمّر على غيره، والشعور بعدم الأهمّية والوحدة يؤدّي إلى محاولة اكتساب الاهتمام والشعور بالقوة، مثلما أنّ الكثير من المتنمّرين يعانون من اضطرابات في منازلهم، مثل التعنيف اللفظي والجسدي والجنسي والعاطفي، وصنف آخر ممّا يدفعهم إلى التنمّر على الآخرين هو عدم تقدير الذات، كأن يشعر بأنّه غير جميل، غير ذكي...، أوقد يعاني من الغيرة والتعجرف والتكبّر، ممّا يجعله يعتقد أنّه أفضل ما حدث في هذا العالم، فيتنمّرون على كلّ مَن هم دون مستواهم، والرغبة في كسب إعجاب الآخرين عبر إضحاكهم وتسليتهم عن طريق التنمّر على غيرهم. من آثار التنمّر: إنّ التنمّر يؤثر في جميع الأشخاص، فنتائجه تكون على الضحية والمتنمّر ومَن يشاهد الحالة، فالأشخاص الذين يتعرّضون للتنمّر يعانون من الإحباط والقلق، والحزن الشديد والوحدة، واضطرابات في النوم والأكل، وعدم الرغبة في مزاولة النشاطات، ومشاكل صحّية أخرى، وقد يتغيّبون عن المدرسة أو العمل، أمّا التأثير في المتنمّر، فأنّه قد يعاني من الإدمان على الكحول أو التدخين أو المخدّرات، وترك المدرسة والعمل، وعندما يكبر تكون علاقاته سيّئة مع الآخرين. علاج التنمّر: إنَّ من أهم طرق علاج التنمّر تقوية الوازع الديني للأفراد منذ الصغر، وزرع الأخلاق الحَسَنة في قلوبهم، كالتسامح والمساواة والاحترام، والمحبّة والتواضع والتعاون ومساعدة الضعيف، والحرص على تربية الأبناء في ظروف صحّية بعيدًا عن العنف والاستبداد، وتعزيز الثقة بالنفس وقوة الشخصية، مثلما أنّ على الإعلام العمل على بثّ البرامج التعليمية والدينية والوثائقية الهادفة، وتجنّب البرامج العنيفة، وعلى الأهل اختيار البرامج المناسبة لأطفالهم، وبناء علاقة صداقة معهم منذ الصغر، وترك باب الحوار مفتوحًا دائمًا؛ ليشعروا بالراحة، وتوفير الألعاب التي تهدف إلى تحسين القدرات العقلية، والبعد عن الألعاب العنيفة، ومتابعة السلوكيات المختلفة للأبناء في سنّ مبكرة، والوقوف على السلوكيات الخاطئة ومعالجتها، ومراقبة الأبناء على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتجنّب الفراغ، واستثمار الطاقات والقدرات الخاصّة للأفراد بالبرامج والأنشطة التي تعود عليهم بالنفع، وتقديم المساعدة النفسية لكلّ من المتنمِّر والمتنمَّر عليه؛ لمعالجة الأسباب والنتائج المترتّبة على التنمّر، وإطلاق حملات توعية لكافة الأعمار بشأن سلوك التنمّر. وأخيرًا علينا أن نلتزم بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ) (الحجرات: 11).