خَجَلِي رَسَمَ لِي خُطُواتِي

نور علي عمران
عدد المشاهدات : 158

كنتُ جالساً على الأريكة في غرفة الجلوس، وأنا انظر إلى أولادي وقد بدا الحزن يخيّم على وجوههم، ولكلّ منهم حاجات كتبها في ورقة صغيرة ووضعها أمامي، وقد طال انتظارهم، ماذا أفعل؟ وقد خسرت عملي بسبب نفاق زملائي في الشركة الذين لفقوا لي التهم الكاذبة وأخرجوني من عملي، جلست مدةً في البيت ثم خرجت لأهرب من سحابة الأفكار السوداء التي حجبت الأمل عن حياتي، كنتُ أتمشى على جانب الطريق فلفت انتباهي أنّ الشارع كان يزهو بالورود والزينة، تساءلتُ ما الأمر؟ أجابني أحد الشباب الذين كانوا مشغولين بنشر الزينة في الشارع، أن الليلة هي ذكرى ولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أطرقت رأسي إلى الأرض وشعرت بالخجل، فهؤلاء الشباب أصغر منّي سناً ومغريات الحياة تلاحقهم، إلا أنهم تذكروا ولادة الإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، بل بادروا إلى الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة، كان ذلك الخجل الذي شعرتُ به تجاه الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سبيل نجاحي، فقد رسم لي خطوات العشق؛ لأصلَ إلى مقام الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من دون إرادتي، فقد وجدت نفسي هناك، كان المكان مكتظاً بالزوّار، وأصوات التكبير والصلوات تتعالى من شفاه الجميع، كان المقام المقدس يشعّ نوراً كأنه البدر، يضيء ظلام الليل، بعد عناء طويل استطعت الوصول إلى الشباك المقدّس للمقام، أمسكت بالشباك ولم أستطع النطق بكلمة واحدة، فكيف أستطيع أن أستنجد بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأنا لم أتذكر آخر مرة زرت فيها المقام، تركت الشباك؛ لأني كنتُ أختنق من كثرة الازدحام، جلست في زاوية من الرواق. “ اللهم إني إليك فقير ومن عذابك خائف وبك مستجير، ربّ لا تبدل اسمي، ربّ لا تغير جسمي، ولا تجهد بلائي، ولا تشمت بي أعدائي ..”.(1) لفتت انتباهي هذه الكلمات التي كان يدعو بها شيخ كبير جالس بجانبي، اهتزّ جسدي وبقيت أستمع إلى أن أكمل الدعاء، في تلك اللحظة بكيت كأني طفل صغير، ولأني شعرت بالتقصير تجاه الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وعلى الرغم من شعوري هذا فقد استنجدت بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أن يساعدني في شدتي..، انقضت مدّة من الزمن ولا أعلم ما حدث سوى أن مكالمة هاتفية وردتني من مدير الشركة يعتذر عمّا حدث، فقد ظهرت براءتي من تلك التهم، ومكاني موجود في الشركة متى ما أردت العودة، كان ذلك أسعد شيء حدث لي، ومنذ ذلك اليوم وأنا لم أترك زيارة المقام المقدس، بل في كلّ سنة اجتهد في إحياء تلك الذكرى العطرة باحتفال يسوده جو العبادة والدعاء بتعجيل فرج إمام العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف). ................................. (1) بحار الأنوار: ج95، ص412.