رياض الزهراء العدد 83 منكم وإليكم
مَوْلايَ عَلِيّ (عليه السلام)
في دعاء الفرج (يا مُحَمَّدُ يا عَليُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ اِكْفِياني فَاِنَّكُما كافِيايَ يا مُحَمَّدُ يا عَليُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ اُنْصُراني فَاِنَّكُما ناصِرايَ يا مُحَمَّدُ يا عَليُّ يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ اِحْفِظاني فَاِنَّكُما حافِظايَ..). يتردد كثيراً في قراءة هذه العبارة بالذات هاجس يقول: هل الرسول يحفظ؟ هل الوصي ينصر ويكفي العبد؟ إذن أين الله؟ أليس ما نفعله في توسلنا بالرسول (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام) وهم خلق مثلنا هو شرك؟ هل ما نفعله هو الحق أو إنه شرك كما يتوهم بعض الناس ممن يأخذ علينا هذه العقائد من أبناء العامة. ولذا قررت الخوض في دراسة وقراءة المزيد عن شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله) وحياة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعلى الرغم من كثرة ما نقرأ عن حياتهما (عليهما السلام) فإنه لا يتعدى قطرة من بحر كمالاتهم وصفاتهم، فعن طارق بن شهاب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: “يا طارق الإمام كلمة الله وحجة الله ووجه الله ونور الله وحجاب الله وآية الله يختاره الله ويجعل فيه ما يشاء ويوجب له بذلك الطاعة والولاية على جميع خلقه، فهو وليه في سماواته وأرضه، أخذ له بذلك العهد على جميع عباده، فمن تقدّم عليه كفر بالله من فوق عرشه، فهو يفعل ما يشاء وإذا شاء الله شاء. ويكتب على عضده: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا)/ (الأنعام:115) فهو الصدق والعدل وينصب له عمود من نور من الأرض إلى السماء يرى فيه أعمال العباد..”.(1) جلّ مقام آل محمد (صلى الله عليه وآله) عن وصف الواصفين ونعت الناعتين وأن يُقاس بهم أحد من العالمين، أولئك هم خير البرية، الأئمة الطاهرون، والعترة المعصومون، والذرية الأكرمون، والهداة المهديون من آل طه ويس، حجج الله على الأولين والآخرين، اسمهم مكتوب على الأحجار، وعلى أوراق الأشجار، وعلى أجنحة الأطيار، وعلى أبواب الجنة والنار، وعلى العرش والأفلاك، وباسمهم تسبّح الأطيار، وتستغفر لشيعتهم الحيتان في لجج البحار، وإن الله لم يخلق أحداً إلّا وأخذ عليه الإقرار بالوحدانية، والولاية للذرية الزكية، والبراءة من أعدائهم، وإن العرش لم يستقر حتى كُتب عليه بالنور (لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله). فهذا إمامنا علي (عليه السلام) يقول في إحدى خطبه: “أنا القرآن الناطق”(2) وقال: “أنا النقطة تحت الباء”(3)، وحقيقةً إننا نقف مذهولين أمام خطبه؛ لأننا نحتاج إلى المعصوم في تفسير هذه الخطب، كاحتياجنا إليه في تفسير القرآن الكريم. ولذا قال رسولنا الكريم: “إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي”(4) فالعترة هي الثقل الذي يوازي ثقل القرآن الكريم، فلولا وجود العترة لم نفهم تفسير القرآن الكريم وتطبيقه بالشكل الصحيح. ثم كيف يفرض الله (عز وجل) على عباده طاعة من يحجب عنه ملكوت السموات والأرض، حاشا لله أن يفعل ذلك اذ لابدّ من وجود خلق فوق الخلق أجمعين بصفاتهم وكمالاتهم ولكنهم دون الخالق؛ ليتسنى لنا فهم الخالق عن طريق كمالاتهم. إذن لابدّ لنا من معرفة أوليائنا معرفة أشمل، ولا نكون غافلين عنهم نذكرهم باللسان، ونبتعد عنهم بالعمل حتى ننعم بنعمة الولاية الحقة لهم. ونستذكر قول رسولنا الأكرم (صلى الله عليه وآله): “يا عليّ، ما عرف الله، إلّا أنا وأنتَ، وما عرفني إلّا اللهُ وأنتَ، وما عرفك إلّا اللَّهُ وأنا”.(5) هنيئاً لنا نعمة الولاية، وثبتنا الله على حبّ محمد وآل محمد الهداة المهديين، وصلى الله على محمد وآل محمد أجمعين. ................................... (1) بحار الأنوار: ج25، ص169. (2) موسوعة الإمام علي (عليه السلام): ج9، ص185. (3) مُسند الإمام علي (عليه السلام): ج1، ص288. (4) وسائل الشيعة: ج5، ص14. (5) موسوعة الإمام علي (عليه السلام): ج9، ص157.