عَلامَاتُ الظُّهُورِ
يستعين الإنسان بالعلامات عادةً للإشارة إلى معنىً مهمّ يبتغي إيصاله إلى مَن نُصِبت تلك العلامات لأجله؛ فعلامات المرور مثلًا وُضعت لإرشاد سائقي المركبات والسائرين إلى سُبل السلامة، ولتجنيبهم المخاطر. ونصب تلك العلامات وحده لا يُجدي نفعًا إن لم يكن مَن نُصِبت لأجله على علم بها ومعرفة بمعناها، وإحاطة بتكليفهم عند مرورهم بها. بيد أنّ الأهمّ من ذا وذاك سلامة السائقين والسائرين والمركبات؛ إذ ما الجدوى من وجود العلامات والمعرفة بها إن كانوا عاجزين، أو كانت عاطلة؟! فإن كان لوجوب معرفة تلك العلامات لأغراضٍ دنيوية هذا القدر من الأهمّية، فكيف إن كان لأجل أغراضٍ دينية ولتقرير المصائر الأبدية؟! من هنا كان لعلامات الظهور ولمعرفتها فائق الأهمّية؛ وذلك للإرشاد إلى سبيل النجاة وللتحذير من سبل الهلاك، لا سيّما مع شيوع الفتن وحالات التغرير بادّعاء المهدوية، ولتنبيه الغافلين وتحفيزهم على تدارك التقصير والتوبة والالتحاق بجبهة الحقّ. إلّا أنّ ذلك ربّما لا يُجدي نفعًا في حال الغفلة عن الاهتمام بالنفس وتكاملها؛ إذ إنّ اتّباع الحقّ لا تكفي فيه معرفته وحسب، بل لا بدّ من تهيئة النفس لتقبّله، وركوب المخاطر والمكاره من أجل نصرته. وكثيرة هي العلامات التي ذكرتها الروايات، إلّا أنّا آثرنا الاقتصار على الحتمية منها ممّا اتُفقَ عليها إجمالًا من جهة، ولها مدخلية في التمحيص من جهةٍ أخرى، وهي: - توجُّه السفياني واليماني والخراساني إلى العراق، فقد رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "خروج الثلاثة: الخراساني والسفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد"(1). - الخسف في البيداء: ما إن يعلم السفياني أنّ في المدينة ظهورًا جزئيًا للإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) حتى يبعث بجيش لقتله، فتشاء الحكمة الإلهية أن يُخسف به وبجيشه في البيداء ولا ينجو إلّا مَن يخبر بذلك الخسف. - الصيحة أو الفزعة: وهي نداء جبرئيل (عليه السلام) بالحقّ، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان؛ لأنّ شهر رمضان شهر الله، والصيحة فيه هي صيحة جبرئيل (عليه السلام) إلى هذا الخلق... ثم قال: ينادي منادٍ من السماء باسم القائم (عليه السلام)... وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس ينادي ألا إنّ فلانًا قُتِل مظلومًا، ليشكّك الناس ويفتنهم، فكم في ذلك اليوم من شاكّ مُتحيّر قد هوى في النار، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه إنّه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتى تسمعه العذراء في خدرها، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج... وقال: لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم (عليه السلام): صوت من السماء وهو صوت جبرئيل (باسم صاحب هذا الأمر واسم أبيه) والصوت الثاني من الأرض، وهو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان أنّه قُتِل مظلومًا، يريد بذلك الفتنة، فاتّبعوا الصوت الأول، وإيّاكم والأخير أن تُفتنوا به"(2). - قتل النفس الزكية: وهو من خواصّ الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، يرسله (عليه السلام) إلى أهل مكّة؛ لإلقاء الحجّة عليهم، فيذهب إلى مكّة، ويخطب بهم عند البيت الحرام ويدعوهم إلى نصرة الإمام (عليه السلام)، لكنّهم يقتلونه بين الركن والمقام، وليس بين قتله وقيام القائم (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) إلّا خمس عشرة ليلة. ....................................................... (1) الغيبة للطوسي: ص446 و447، ح443. (2) معجم أحاديث الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف): ج3، ص254.