أَسئِلَةُ الأَطفالِ.. مَشرُوعٌ للاستِثمارِ

أنعام تمّار الكعبيّ/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 255

يدأبُ الإنسان منذ بداية حياته على اكتشاف كلّ مجهول، ويشغف للاطّلاع على ما خفي، وقد يتسلّل إلى ذلك بالتساؤل في محاولة للوصول إلى كنه ما لم يحط به، ولأسئلة الأطفال مجالها الأوسع، فإنّها لا تكون مقيّدة بحدود المعقول أو المتعارف، ولا تقف عند حدّ معيّن، انطلاقًا من خيالهم غير المحدود. ويقع الوالدان بالدرجة الأولى محطّةً لتلك الأسئلة، ومرجعًا للاستيضاح والاستفهام، فلا بدّ لهما من أن لا يغفلا عن حسن التعامل معها. فإسكات الأطفال، وعدم الردّ على تساؤلاتهم يوحي لهم بعدم الفائدة أو الأهمّية لتلك الأسئلة، مضافًا إلى انعكاساته السلبية في شخصية الطفل، فإنّه يُفقد الوالدين سبل التواصل والتقارب الفكري التي توجب الانفتاح مع الأولاد، وهي تشكّل رصيدًا لديمومة الإشراف على أفكارهم، وما يجول في مخيلتهم، وهذا بدوره عامل مساعد في ترصين الأسس السليمة والمعارف الحقّة، فينبغي استثمار الأسئلة في فتح الآفاق المعرفية في مختلف جوانبها بما يتيح لهم من إمكانية الاستفادة من السؤال. ونذكر أهمّ ما يمكن أن تُستثمر به أسئلة الأطفال: 1-المعرفة الدينية: فالأسئلة التي تدور في مجال العقيدة والأحكام الشرعية تُجاب ببيان أصول الدين المهمّة، والأحكام الضرورية والابتلائية، أو ما يتّصل بها ممّا ينفع. فالسؤال: لماذا لا نرى الله تعالى؟ أو لماذا لا تقف المرأة بجانب الرجل في الصلاة؟ أو لماذا لا نصلّي الصلوات في وقت واحد؟ هذه الأسئلة يُستفاد منها في بناء عقيدتهم، أو إحاطة فقهية بما هو محلّ ابتلائهم، أو تقوية العلاقة باللّه تعالى. 2-التواصل العائلي: يمكن تحويل الأسئلة إلى أداة للتواصل العائلي بما يعزّز الترابط الأسري من جهة، ويفعّل لدور الأطفال الذين يكون لديهم طبيعة انطوائية، لا سيّما مع كون الإجابة تنحو منحى المحاورة، ويكون الجواب مثلًا: ماذا تعتقد أنتَ؟ وهل يصحّ ذلك بنظركَ؟ ونحوها ممّا تجعل السائل هو المتصدّي للحلّ وفعّال في التواصل. 3-مفتاح التوجيه السلوكي: الآباء المتيقّظون يقرؤون ما وراء السطور، ويستشفّون ما يخفى تحت ظلال السؤال؛ ليخبروا منه أهمّ ما يشغل ـتفكير الأولاد، وما يمكن أن يؤثر في سلوكهم ممّا يواجهون في الحياة. وفي نهاية المطاف لا ضرورة للإجابات التفصيلية والاستدلالية، وإنّما يكفي أن تكون الإجابات نافذة للمعرفة يطلّ منها الطفل على أصل المعلومة بما يتناسب مع إدراكه الذي يكون بمثابة البذرة للمعارف والقيم الأخلاقية التي تتطوّر مع نموّه، وتقدّم إدراكه، أو أن يُقترح على الأولاد الإجابة عن طريق التعلّم سويًا مع عمل الفريق، وهو يعزّز جانب البحث السليم تحت نظر الوالدين. وكلّما كانت الخزينة الثقافية للوالدين مليئة، توصّل الوالدان إلى أجوبة غنية ومختلفة بأساليب متنوّعة وبطرق جديدة.