النُّفُورُ مِنَ الدِّرَاسَةِ.. أَسبابٌ وحُلُولٌ

د. لاريسا عبد الله صفا/ لبنان
عدد المشاهدات : 179

هل تساءلنا يومًا: لماذا يكره الأطفال المدرسة، وينفرون من التعليم على الرغم من كون الطفل يحبّ التعلّم والاكتشاف واللعب والحيوية؟ وما مسؤولية أولياء الأمور من أهل وملاك المدرسة؟ أحد الأسباب الرئيسة لعدم شعور المتعلّم بالانتماء إلى بيئة المدرسة ورفضه للتعلّم هو سلب الإرادة في اختيار التوقيتات والكيفية والنوعية التي تُفرض عليه، علمًا أنّ هذا المستوى من الانضباط هو أمر مهمّ لنموّ الطفل، لكن الأطفال لا يرونه كذلك، فينتهي الأمر ببعضهم إلى الشعور بالإحباط؛ لأنّهم لا يحبّون فكرة الإجبار على فعل شيء ما، إضافة إلى حقيقة أنّ الأطفال لا يحبّون غالبًا الإطار الأكاديمي في التعلّم الذي تقدّمه أغلب المدارس، وهذا لا يعني أنّهم ليسوا أذكياء، فعلى الرغم من نتائجهم المتدنية في الاختبارات، فهم يعانون من طبيعة التعلّم في الفصل الدراسي فقط، ويحتاجون إلى تعليم من نوع مختلف. هنا يأتي السؤال المهمّ: كيف يمكنكِ مساعدة طفلكِ في اكتشاف طرق مختلفة للتعلّم تروق له أكثر؟ الأمر الذي تدرك أهمّيته تمامًا المدارس الجيّدة التي تسعى نحو مصلحة الناشئة، وهو أنّ الأشخاص يتعلّمون بطرق مختلفة، وليس من السليم اتباع الطريقة نفسها مع الجميع؛ فبعض الناس يفضّلون تدوين الملاحظات، والبعض الآخر يعتمدون النمط البصري في التعلّم، والبعض سمعي وآخر تحليلي، هذه الحقيقة العلمية تحتاج إلى مدرّسين لديهم مهارات تكييف الكفاءات التعليمية مع مختلف أنماط الذكاء، مثلما أنّهم يساعدون الأطفال في العثور على طريقة تعلّم مناسبة لهم، بدون النظر إلى كمّية المعلومات التي حصّلها المتعلّم، ويبقى التركيز الأساسي على موقفه من نفسه والبيئة والتعليم، وفي مقدرته في الحفاظ على دوافعه في المزيد من التعلّم. من هنا نحن ملزمون بصفتنا أهلًا وملاك مدرسة بخلق أجواء ارتياح نفسي قبل التفكير بأيّ شيء آخر، وعدّ عالم التحصيل جزءًا من الحياة، وهذه الأوقات المديدة التي يمضيها المتعلّم على كرسي الدراسة من حقّه أن يعيشها بارتياح وحيوية، فقد يؤدّي الإفراط في المعلومات إلى النفور أيضًا، بخاصّة مع صعوبة الاحتفاظ بكلّ التفاصيل الواردة في أثناء اليوم الدراسي لجميع المتعلّمين بالقدرة نفسها. يشعر الأطفال بأنّهم تحت ضغوط كبيرة من الأهل والمدرسة، فينتهي الأمر بهم إلى كره المدرسة والتعلّم طوال حياتهم بسبب التوقّعات الكبيرة في تحصيل أعلى مستوى أكاديمي، وبسبب سلبيات التقييم والتصنيفات بناءً على العلامات. وفي الختام تبقى الأسباب الأكثر أهمّية هي الرعاية الصحّية والجسدية والنفسية التي يقدّمها الأهل لأبنائهم منذ الولادة عبر التغذية الصحيحة والعاطفة المسؤولة، وإفساح المجال أمامهم لبناء الخبرات المتعدّدة وصقلها بالتجارب، وحمايتهم من الإيذاء المعنوي، والحفاظ على حرّيتهم في التعبير لأنّها من أهمّ أسباب بناء المناعة النفسية لمواجهة جميع صعوبات الحياة، منها صعوبات التعلّم، ولا ننسى أهمّية دور الأهل في مطالبة المؤسّسة التعليمية بالحفاظ على هذه الثوابت، والعكس.