التَّغَيُّرُ العَاطِفيّ تِجاهَ الزَّوجِ في أثناءِ مُدّةِ الحَملِ.. بينَ الحَقيقَةِ والوَهمِ

أ. د. سعاد سبتي الشاوي/بغداد
عدد المشاهدات : 212

الحمل مظنّة الجهد والضعف، وهذه حقيقة أشار إليها القرآن الكريم بوضوح، في قوله سبحانه وتعالى: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ) (لقمان:14)، إذ تعدّ مرحلة الحمل من المراحل الدقيقة في حياة المرأة، بخاصّة أنّها تمرّ بالكثير من التغيّرات على الصعيد البدني، فالجسم يخضع للعديد من التحوّلات خلال الحمل، وتظهر بعض التغيّرات كتمدّد البطن، وزيادة الوزن، وغثيان الصباح؛ فضلًا عن بعض التغييرات الجسدية غير المتوقّعة كتشقّق البشرة، ونزيف الأسنان، والتصبّغات الجلدية، وقد تحدث الكثير من التغيّرات النفسية في أثناء الحمل كالإرهاق، والتقلّبات المزاجية، والعصبية، والمعاناة من الأرق، والحزن، والبكاء، والقلق، وفقدان الشهية، وضعف التركيز، ومن الممكن أن تشعر المرأة ببعض التغيّر في عاطفتها تجاه زوجها، وقد تبتعد عنه لعدّة أسباب، أهمّها: إنّ نشاط الهرمونات في جسم المرأة في مدّة الحمل تجعل جسدها مليئًا بها، ممّا يشعرها برغبة في القيء عند اقتراب الزوج منها، أو عند انبعاث أيّ رائحة منه، ومنهنّ مَن لا تتقبّل رائحة زوجها المُدخّن العالقة في كلّ مكان، أو تحسّ بأنّ الزوج لم يعد يحبّها، وشعورها بأنّ الحمل هو اختبار للعلاقة الزوجية، وأنّه يتصرّف من دون مسؤولية، ويتسبّب في أذيتها، مثلما أنّ الحمل قد يسهم في ارتفاع ضغط الدم عند المرأة، حتى حرارة جسمها، وهذا ما يجلها سريعة التوتّر والغضب. هناك بعض النصائح التي تساعد الزوج في مواجهة هذه التغييرات وكيفية التعامل معها، منها: حماية الزوجة من جميع المخاطر والعنف الجسدي والنفسي، وإشعارها بالأمان والحبّ بدون قيد أو شرط عن طريق تصرّفاته، وتلبية الاحتياجات الأولية للأسرة، وتقبّل الزوجة مثلما هي وطريقة تعبيرها عن نفسها بدون انتقادها، ومساعدتها في التعامل مع مشاكلها عن طريق التحلّي بسلوك نبيل، وقضاء الوقت معها بالخروج للتنزّه والتحدّث إليها، ومشاركة أهدافها وأحلامها معه، والمشاركة في أعمال المنزل وشؤونه، والاشتراك معها في جميع الأنشطة؛ ممّا يزيح عنها الكثير من قلق تحمّل الأعباء، وأخذ رأيها واستشارتها في جميع القرارات؛ لتبين أهمّيتها وأنّ رأيها له قيمة، والمحافظة على التوازن الجيّد بين كونه والدًا وزوجًا، وقراءة الكتب المتعلّقة بالحمل إذا كان الطفل الأوّل، ومراقبة عادات الأكل لدى الزوجة؛ حرصًا على صحّتها وصحّة الجنين بشكل مباشر، ومراقبة أوقات نومها والوزن المتزايد لها، والاستعداد للذهاب إلى المستشفى في أيّ لحظة، والحفاظ على الهدوء وعدم الإصابة بالذعر عند اقتراب المخاض. أمّا بالنسبة إلى الزوجة فيمكن أن تتعامل مع ذلك الشعور تجاه زوجها عن طريق التفاهم معه وإخباره بأنّ الأمر ليس شخصيًّا ولا يتعلّق به، بل يتعلّق بهرمونات الحمل، وعدم المبالغة في إظهار التقزّز منه؛ كي لا تجرح مشاعره، وأنّه أمر مؤقّت، وسيزول بعد انتهاء الأشهر الأولى - أشهر الوحام- وأخيرًا علينا أن نتذكّر قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم:21).