رياض الزهراء العدد 178 واحة البراءة
زَهراءُ المُهَذَّبَةُ
زهراء ابنة السنوات الستّ، فتاة مطيعة ومهذّبة، ولا تحبّ الكذب البتّة. لاحظت والدتُها أنّها منذ أسبوع وهي تُثابر على لعبة "الركض السريع" مع أترابها، فسألتها: ـ أراكِ صرتِ ماهرة في هذه اللعبة! ابتسمت زهراء، وأجابت أمّها: طبعًا يا أمّي، فلا بدّ لي من ذلك! قالت الأمّ: ولِمَ؟! تنحنحت زهراء، وأجابت وهي تنظر إلى السماء: في الأسبوع الماضي، وبينما كنتُ أرمي حجرًا في الوادي، أصبتُ رأس هرّة من دون قصد، فأخبرتني صديقتي مريم بأنّ الله سيعاقبني! تساءلت الأمّ: لكنّكِ لم تقصدي أن تؤذيها! قالت زهراء: أمّي أنا أخاف من أن يُنزل الله حبلًا من السماء ليرفعني إليه ويعاقبني على فعلتي، لذلك فأنا أتدرّب على الهروب منه! مسكت الوالدة يد زهراء بحنان واصطحبتها إلى غرفتها، قدّمت لها ورقة بيضاء أنيقة، إضافة إلى أقلام الرسم والتلوين، وقالت لها: عزيزتي المدلّلة، ارسمي رسمتكَ المفضّلة. رسمت زهراءُ فتاةً جميلةً، لها ضفائر طويلة، وفستان أزرق يُشبه السماء المزركشة بالغيوم، واجتهدت كي تكون الألوان متناسقة وألّا تخرج عن الخطّ المرسوم، وما إن انتهت من رسمتها التي استمتعت بها، اقتربت الأمّ منها، حملت الورقة وحاولت أن تمزّقها! اعترضت زهراء متعجّبة، وسحبت الورقة من بين يدي أمّها وهي تقول: لا، لا يا أمّي، هذه الرسمة أحبّها! ابتسمت الأمّ، ونظرت إليها بحنان وقالت: طبعًا يا بُنيّتي، أعرف بأنّكِ تحبّينها، وكذلك الله يحبّنا؛ فهو الذي خلقنا، لذلك لا تخافي من الله؛ لأنّه يحبّكِ ويحميكِ مثلما أنّكِ قد حميتِ رسمتكِ.