رُحَماءُ بَينهم تُطلِقُ (قَافِلَةَ دِفء) فِي عَشرِ مُحافَظاتٍ عِراقِيَّةٍ

دلال كمال العكيليّ/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 190

تنطلق لتوزّع الضحكات وتشاطر الأطفال الأوقات السعيدة، وتمدّهم بالدفء في برد الشتاء القاسي في العراق، رحلة مليئة بالحبّ والحنان انطلقت على مدى أيام لتشارك أطفالًا افترشوا أرصفة الشوارع، وعانوا من الضياع والتشرّد والتفكّك الأسري، قصص لأطفال كثر عانوا منذ نعومة أظفارهم مرارة الضياع الأسري، فلا مدرسة تنير مستقبلهم، ولا بيت يأوي أرواحهم التائهة، ولا فراش يفترشونه نهاية يومهم المتعب. مشروع انطلق من أرض الحسين (عليه السلام)، القرآن الناطق الذي نستلهم منه الدروس والعِبر، الذي تتجلّى فيه أرقى صور الإنسانية، تلك السحابة البيضاء التي تهطل بالعطف والحنان، وتغدق بالحبّ والأمان على كلّ مَن حولها، حتى الأعداء نالهم منها نصيب العطف والحبّ والدموع. هذه الثلّة من الشباب المؤمن اختاروا طريق الحسين (عليه السلام)، تسلّحوا بالإيمان واتخذوا من القرآن والعترة دستورًا لعملهم، واختاروا طريقهم بدعم من المرجعية العليا، وبرعاية من العتبة العبّاسية المقدّسة، بداياتهم كانت في عام 2017م، وإلى اليوم يواصل ذلك الفريق عمله، ويخطّط لمستقبله بكلّ همّة وتفانٍ آملين الوصول إلى مبتغاهم، مشاريعهم ومبادراتهم كثيرة ولا تُحدّ، في كلّ يوم نقرأ أو نشاهد لهم عملًا يجسّد أسمى المعاني الإنسانية، رحلتنا اليوم معهم في قافلة تمدّ الطفولة الضائعة في الشوارع والأزقّة العراقية بالدفء، فذاك طفل يحمل العلكة (اللبان)، وآخر المناديل الورقية، وغيره يقف عند الإشارات المرورية ليمسح زجاج السيارات، الحالات كثيرة يطول الحديث عنها، هذه القافلة انطلقت مع حلول البرد، ضمّت مجموعة من الشباب المؤمن، رغبتهم هي قضاء بعض الوقت مع أطفال تسلّل البرد إلى قلوبهم قبل أجسادهم، فنجدهم يلعبون ويركضون ويضحكون مع الأطفال ويشعروهم بالأمان المفقود، تلك القافلة حملت في ركبها الحبّ والأمان لتوزّعه قبل أن تعطي كسوة الجسد. رياض الزهراء (عليها السلام) رافقت تلك القافلة روحيًا عن طريق الحديث مع الأستاذ أمير حسن عبّاس/ مدير مركز (رحماء بينهم) الذي حدّثنا عن (قافلة دفء) قائلًا: قدّم الفريق العديد من المبادرات، وجهوده كبيرة ومضنية في سبيل احتواء أكبر عددٍ ممكن من الأطفال المتسوّلين، فضلًا عن إيوائهم وإعادة تأهيلهم نفسيًا وتعليميًا، وهذا هدفنا الأساسي وسعينا الدائم إلى التوسّع، ورعاية أكبر عدد من الأطفال فاقدي الرعاية الأسرية، وذلك يعود بالنفع على المجتمع بشكل عامّ، ومن المبادرات التي قام بها فريق (قافلة دفء) التي كانت برعاية العتبة العبّاسية المقدّسة، التي انطلقت من كربلاء باتجاه عدد من محافظات العراق الحبيب، حاملةً كسوة الشتاء التي وُزّعت على عدد كبير من الأطفال، نتجوّل في الأزقّة والشوارع من الصباح حتى المساء ونحاول زرع البسمة على شفاه الأطفال في الشوارع، وبعد ذلك نلبسهم ما يدفئ أجسادهم المتعبة بعد عمل يوم مضنٍ. شارك في القافلة العشرات من الشباب، بين متطوّع وعضو في الفريق، إذ استمرّ عملنا (12) يومًا، ننتقل بين المحافظات في ضمن خارطة رسمناها بحسب معطيات خاصّة بالفريق، الرحلة انطلقت بالترتيب التسلسلي الآتي: (واسط، ميسان، ذي قار، البصرة، المثنّى، الديوانية، بابل، النجف الأشرف، كربلاء المقدّسة، بغداد)2021م، وهي الانطلاقة الأولى للفريق، كنّا نراقب عيون الأطفال وهي تتطلّع إلينا بحبّ وأمان، إذ وجدنا ما كنّا نبتغيه بعد نهاية تلك الرحلة المباركة، فمع كلّ طفل كنّا نعيش قصّة، فتارة نبكي، وأخرى تتعالى ضحكاتنا مع ضحكاتهم البريئة. قافلة تنطلق لأول مرّة في العراق، من أجل ( 1300) طفل مشرّد في المحافظات التي تمّ ذكرها، وفّرت لهم المعاطف، ولنا في المستقبل وقفات ومبادرات أخرى نريد بها وجه الله تعالى أولًا، وتكليف أنفسنا وإناطة المسؤولية بالجميع ثانيًا، لقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيّته"(1)، ولأنّنا جزء من المجتمع اخترنا طريقنا لانتشال الأطفال المشرّدين فاقدي الرعاية الأسرية من الطرقات، وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع؛ ليكونوا رجالًا أسوياء لمستقبل زاهر لهم، لذا فإنّ برامجنا مستمرّة، وفي تطوّر ونموّ ببركات دعم المرجعية ورعاية العتبة العبّاسية المقدّسة. (رحماء بينهم) ثمرة من ثمار العتبة العبّاسية المقدّسة، بذرة غُرِست في تربتها ونمت؛ لتكون ذلك المشروع الذي يُشار إليه بالبنان من منهج الإمام عليّ (عليه السلام)، واستمرارًا للرسالة التي رسّخها في نفوس مواليه ومحبّيه يستمرّ عطاء ذلك المشروع. إنّ المشروع هو رسالة اطمئنان لكلّ الأطفال، وشعاع للمستقبل بجهود القائمين عليه وتفانيهم وإخلاصهم وسعيهم الدائم نحو مستقبل أفضل لشباب الغد. ....................................... (1) ميزان الحكمة: ج2، ص 1212.