رَفضُ الأَطفَالِ للمَدرَسَةِ... تَعَدَّدَتِ الأَسبَابُ والعِلاجُ وَاحِدٌ

عبير عباس المنظور/ البصرة
عدد المشاهدات : 143

تتّسم الأيام الدراسية الأولى لمعظم الأطفال بالصعوبة الممزوجة بالخوف، والحذر، وشدّ الأعصاب؛ لاختلاف بيئة المدرسة عن البيت، وغالبًا ما يتخلّل ذلك التذمّر والبكاء والعناد، وقد يصل بعضهم إلى حالة رفض المدرسة بصورة دائمة، وتحاول بعض الأمّهات معالجة هذه الحالة بطرق خاطئة من قبيل الضرب الشديد أو العطاء المفرط، أو أخذ الطفل إلى المدرسة باكيًا، وعمومًا فإنّ نسبة الأطفال الذين يرفضون الذهاب إلى المدرسة تتراوح بين (١- ٥%) من مجموع التلاميذ في المدرسة، على الرغم من تمتّعهم بالقوى الإدراكية والحركية. أسباب الرفض: وتعود أسباب ذلك الرفض إلى الاضطرابات النفسية للأطفال، مثل قلق الانفصال، وبخاصّة عن الأمّ، أو الرهاب الاجتماعي، أو تأثّر الطفل بمشكلات عائلية تلقي بظلالها على شخصيته، أو تعود إلى مشكلات داخل المدرسة نفسها، مثل الخوف من المعلّمين وسوء معاملتهم، أو تعرّض الطفل للتنمّر، أو لمشكلات صحّية أو خلقية، أو قد تكون نتيجة التأخّر الدراسي. ولا يخفى تأثير تأخّر الدوام الحضوري، والاعتماد على التعليم الإلكتروني في السنوات الأخيرة في الأطفال، وزيادة حالات رفض المدرسة؛ لتتفاقم مشكلة عدم التواصل مع الآخرين، إضافة إلى ذلك الوضع الصحّي الذي أفرزته جائحة كورونا، ونظام التباعد الاجتماعي على الرغم من دوره الفعّال في الحفاظ على صحّة الأطفال الجسدية في الصفوف الأولى من المدرسة، إلّا أنّها تسبّبت لهم بمشكلة نفسية، وهي صعوبة التواصل مع الآخرين، سواء من الأفراد أو المؤسسات التربوية التي صعّبت على الأهل تهيئة الأولاد للاندماج في المجتمع قبل سنّ المدرسة، ممّا انعكس بشكل أو بآخر على انتظام الدوام للأطفال. ولا يخفى تأثير الأجهزة الذكية وإدمانها في الأطفال التي تدمّر قابليات الطفل في التواصل مع الآخرين، وتدمّر أسس الذكاء الاجتماعي لديه؛ فتضعف شخصيته، وتهتزّ ثقته بنفسه، ويصعب عليه كثيرًا التكيّف والاندماج في المجتمع. أشكال الرفض: ونتيجةً لتعدّد الأسباب تتعدّد أشكال الرفض والإعراض؛ فقد يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة بشكل صريح وواضح، وفي بعض الحالات يرافق ذلك نوبات صراخ وبكاء شديدين، وأحيانًا طرق ملتوية مثل ادّعاء المرض، وقد يصاب بآلام البطن والتقيّؤ التي تعدّ طبيعية للقلق والتوتّر الذي يشعر به الطفل، وتزول بمجرّد بقائه في المنزل. علاج حالة الرفض: إنّ التغيّب المدرسي سبب رئيس لانخفاض المستوى الدراسي للطفل، وتدمير شخصيته واهتزازها، إضافة إلى وجود الاضطرابات النفسية التي قد تتفاقم إلى السلوكية، فهي النتيجة الحتمية إن لم تُعالج أسباب رفض المدرسة. وعمومًا فإنّ معالجة مشكلات الرفض تعتمد وبشكل أساسي على الصحّة النفسية للطفل ذاته، وتعزيز ثقته بنفسه قبل دخول المدرسة أساسًا، وعدم الإفراط في تدليل الطفل أو تعنيفه، فذلك ممّا يسهم في توازن شخصية الطفل، والاعتماد على الذات، ومواجهة الصعوبات التي يواجهها في المجتمع؛ سواء في المدرسة أو غيرها. وينبغي إبعاد الطفل عن إدمان الأجهزة الذكية؛ لتعزيز أسس التواصل مع الآخرين لديه، ومن المشكلات التي تدفع الطفل إلى رفض المدرسة على سبيل المثال لا الحصر: معاملة المعلّمين، أو تعرّضه للتنمّر، أو معاناته من مشكلة صحّية ما، فتعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتقبّله لنفسه مثلما هي، وتواصل الأهل مع إدارة المدرسة والملاك التدريسي؛ لمدّ جسور الثقة والمودّة بين الملاك التدريسي وبين الطفل لاحتواء مشكلته، ومعالجتها، بخاصّة في حالات الأطفال الذين يعانون من مشكلات إدراكية، وانضمامهم إلى الصفوف الخاصّة، وكذلك بطيئو التعلّم في المدرسة تحت إشراف ملاك تدريسي متخصّص، يعدّ الحلّ الأمثل لهم، مثلما أنّ توفير جوّ نفسي متوازن في المنزل، وإبعاد الطفل عن النزاعات الأسرية، والاهتمام بفروضه المدرسية كفيلة بارتفاع مستواه الدراسي.