رياض الزهراء العدد 179 منكم وإليكم
الصَّلاةُ وإيحاءاتُها العَظيمَةُ
أيّ باب في الدنيا يطرقه الإنسان وقت إلحاحه في شيء ما، لا يُفتح له إلّا في ميقات محدود، ولكن هناك باب ما أن يلجّ المرء في طرقه حتى تُفتح له أسباب البركات في حياته، وهو واسع المدى ومتاح للقاء العباد خمس مرّات في اليوم، فطرق باب الصلاة يحيي ما غزا الإنسان من أجداث الضلال والتيه، وبها اتصال العبد بمعبوده في شتّى حالاته، سواء أكان سعيدًا، أم حزينًا، أم منكسرًا. هذا الاتصال العميق والدائم ينبغي أن يستقرّ في أنفسنا بأنّه تعبير عن حالة الخضوع والعبودية لله (سبحانه وتعالى)، حالة الوقوف بين يديه، حيث يقول (عزّ وجلّ) في كتابه المجيد: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (طه:14)، كلّ شيء فينا ينشغل بعبادته (سبحانه وتعالى)، فالركوع والسجود في محضره دون سواه، كلّ ما على الأرض له صلاته وتسبيحه وتعظيمه للخالق (عزّ وجلّ)، كلّ ما في الكون بعالمه المحيط ينزّه الله (سبحانه وتعالى) ويعظّمه، وهذا أعظم برهان على أنّ الصلاة من أفضل العبادات، وعمود الإسلام ودواء القلوب والأفئدة. وفي هذه الدنيا ما يدفعنا أحيانًا إلى أن نشعر بالوحدة، وسرعان ما تتّجه الجوارح إلى محراب الخلوة بالخالق (سبحانه وتعالى)، وتسبح في ملكوته الأعظم وتستشعر بأنّ هناك مَن هو أقرب إليها من حبل الوريد، وأنّه الحاضر الناظر إليها في كلّ آن. ولإيحاءاتها الفريدة آثارها العظيمة في تذكير النفس بعظمة الله (عزّ وجلّ) وقدرته، وأنبياء الله (عليهم السلام) كانوا نماذج خالدة في الارتباط الوثيق بحبل الله المتين، وجعلوا من الصلاة صلتهم في المدد والعون لتأدية رسالاتهم الإلهية على نحو يصنع اليقين بأنّ مفاتيح النصر تبدأ من التعظيم لله (عزّ وجلّ) والإيمان بأنّه هو العليّ الكبير، وأنّ ما سواه صغير ولا شيء أمام جلالته وعلوّه. من العِظات التي نأخذها في ناموس حياتنا أنّ الصلاة عبادة لا عادة، وهي فاتحة الأعمال الصالحة إن أدركنا جيدًا عظيم ثمارها وحصادها الوافر، وأنّ تركها وعدم الحفاظ عليها من موبقات الذنوب، وأكبر كبائرها.