رياض الزهراء العدد 179 واحة البراءة
مَهدِيٌّ وَبَاقَةُ النَّرجِسِ
سقطت باقة النرجس سهوًا من يد مهديّ، التقطها وراح يتأمّلها بحزن كبير، لاحظت والدته انشغال فكره، اقتربت وجلست بجنبه وسألته: ـ ما به طفلي الجميل؟ لماذا أرى الذبول في جفنه الكحيل؟ نظر إليها نظرةً حزينةً، وسألها بنبرة رصينة: ـ أمّي، لِمَ كلّ هذه القسوة في الحياة؟ بالأمس شاهدتُ أطفالًا جياعًا عبر شاشة التلفاز! أحزنتني أجسادهم النحيلة! فمَن ينصر الطفولة؟ تأمّلت الوالدة وجه ابنها، وأجابته على ما سأل: ـ لا تحزن يا ولدي، ألم أخبركَ عن الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه الشريف)؟ فهو مَن سيعيد إلينا الأمل! ـ بلى، أخبرتني، مثلما أنّكِ سمّيتني تيمّنًا باسمه، لكن أحبّ أن أعرف ماذا سيفعل. ابتسمت الأمّ لسؤال ابنها، وطلبت منه أن يستمع إليها: ـ اسمع يا طفلي العزيز، أتعرف أين سيذهب الإمام بعد ظهوره الشريف؟ سأل مهديّ: إلى أين؟ قالت الأمّ: سيسير بسيفه اللجين، نحو كربلاء المقدّسة، ويستخرج طفلًا للحسين، ويقول ما ذنبه كي يقتل؟! أضافت الوالدة: ـ إنّ إمامنا يا عزيزي سينتصر للطفولة البريئة، وسيعيش الأطفال والكبار في عصره عيشة هنيئة، قم يا ولدي وتحضّر، لا تيأس ولا تتكدّر، فبعد أيام ذكرى مولده الميمون، هيّا، لنفكّر كيف سنستقبله، ولننسَ الأحزان والشجون. فرح مهديّ بهذا الخبر، احتضن باقة النرجس، وقال وهو يتأمّلها باطمئنان: ـ بعد أيام سيكون الخامس عشر من شعبان، سأزيّن غرفتي بهذه الأزهار، وأقدّم لأصدقائي الحلوى، وننشد أحلى الأشعار، ومساءً حين أعود إلى غرفتي وعلى سريري أجلس، سأفرح وأتذكّر فرحة والدة إمامنا، سيّدتي نرجس (عليها السلام).