صَوْمُ القُلُوبِ

سيّد محمّد الموسويّ
عدد المشاهدات : 233

قال الله تعالى: (وَأن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ) (البقرة: 148)، لقد قسّمت روايات أهل البيت (عليهم السلام) الصوم إلى عدّة مراتب، فمن صوم الجسد إلى صوم الجوارح إلى صوم القلوب وهو أعلاهنّ، فإذا امتنع المكلّف عن تناول الطعام والشراب وباقي المفطرات من الصباح حتى المساء، فهذا أدنى مراتب الصوم، ولا مانع من هذه المرتبة، حيث قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): "مَن منعه الصيام عن طعام يشتهيه، كان حقًّا على الله أن يطعمه من طعام الجنّة، ويسقيه من شرابها"(1). وأمّا صوم الجوارح وذلك بأن يصوم لسانكَ عن الغيبة والكذب، وبصركَ عن النظرة المحرّمة، ويصوم سمعكَ عن سماع الغناء واللغو، وتصوم يدكَ عن السلب والنهب، و... فقد ورد في دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) قوله: "...وأعنّا على صيامه بكفّ الجوارح عن معاصيكَ..."(2). وقد أمر النبيّ (صلّى الله عليه وآله) امرأة سمعها تسبّ جارية لها بتناول الطعام، إلى أن قال (صلّى الله عليه وآله) لها: "ما أقلّ الصوم، وأكثر الجوع"(3). وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "إذا صمتَ فليصم سمعكَ وبصركَ وشعركَ وجلدكَ... وعدّد أشياء غيرها، وقال: لا يكون يوم صومكَ كيوم فطركَ"(4). وأمّا المرتبة الأعلى فهي صوم القلوب، ولا يصلها الصائم إلّا بعد تخطّي المرحلتين السابقتين، وهو عبارة عن صون القلب عن التفكير في الحرام أصلًا، فلا تخطر في قلبه الرغبة في ارتكاب الحرام، وهذا هو معنى التقوى التي قال عنها تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183). ........................... (1) وسائل الشيعة: ج24، ص 389. (2) الصحيفة السجّادية: ص211. (3) بحار الأنوار: ج93، ص293. (4) تهذيب الأحكام: ج4، ص194.