رياض الزهراء العدد 180 نافذة على المجتمع
ستوديو (الجُود) للرُّسُومِ المُتَحَرِّكَةِ: تَغييرٌ مُتَأَنٍّ في عَالَمِ الطُّفُولَةِ وَفقَ مَفاهيمِ مُثَلَّثَاتِ الحَدَثِ..
ستوديو (الجُود) للرُّسُومِ المُتَحَرِّكَةِ: تَغييرٌ مُتَأَنٍّ في عَالَمِ الطُّفُولَةِ وَفقَ مَفاهيمِ مُثَلَّثَاتِ الحَدَثِ مِن دُونِ كَسْرِ قَاعِدَةِ الـ(180) دَرَجَةً التنوّع الثقافي له سحر خاصّ، فما إن يلتقي الموروث الثقافي والشباب حتى ينبثق الابتكار والإبداع، تمامًا مثل ستوديو (الجود) الذي جاءت به العتبة العبّاسية المقدّسة. بوصفه شريكًا تنفيذيًا للمشاريع الفكرية والثقافية، التقينا بالسيّد أحمد ماميثة؛ لنتعرّف عن كثب على نظرته لسينما الطفل في العالم العربي بشكل عامّ، وفي المجتمع الكربلائي بخاصّة. الخطوات الأولى أصبحتم من الروافد المهمّة في صناعة الأفلام محلّيًا، فكيف كانت البدايات؟ بُني الاستوديو برغبة من إدارة إعلام العتبة المقدّسة في إنتاج الرسوم المتحرّكة، وبدأت البذرة الأولى بالبحث عن العاملين في هذا المجال، ولقلّة الموارد البشرية جرى الأمر بوتيرة بطيئة جدًا، حيث تمّ إنتاج أول فيلم رسوم متحرّكة داخل العتبة المقدّسة بواسطة شخص واحد تقريبًا. وبعد أربع سنوات تمّ إيجاد الملاكات، فأصبح ملاك المركز مكوّنًا من أربعة أشخاص، ومن البديهي أن يكون إنتاج الرسوم المتحرّكة بواسطة شخص واحد أو حتى أربعة أشخاص أمرًا أشبه بالمستحيل، فكانت البدايات صعبة جدًا. خطوات مدروسة كيف استطعتم بناء هيكلية للموارد البشرية في الاستوديو؟ ساعدَنا عامل القرب من (معهد الكفيل لتطوير المهارات)، فبواسطته تمّ تدريب عدد من الأشخاص، تلته مرحلة الاختيار لأفراد مركز الجود، وكان البحث عن شخصيات تهتمّ بهذه الصناعة مستمرًّا، من رسّامين وأشخاص لهم القدرة على استخدام الأجهزة، ووجدنا بعض الأفراد عن طريق البحث عن المواهب التي يمكن تطويرها؛ فصناعة الرسوم المتحرّكة تعتمد على عدد كبير من التخصّصات، والأمر المشترك في كثير من تخصّصاته هو موهبة الرسم، فعندما يكون الفرد رسّامًا فستكون حظوظه في تمكّنه من الرسوم المتحرّكة أعلى، وعلى سبيل المثال لدينا قبل الإنتاج (concept design ـ مفهوم التصميم)، الذي لا يؤدّيه إلّا رسّام، وكذلك (storyboard ـ القصص المصوّرة) الذي لا يؤدّيه مَن لا يمتلك موهبة الرسم، وكذلك (animatic ـ الرسوم المتحرّكة)، وتصميم الشخصيات والبيئة، ونمذجة الأشياء والشخصيات والبيئة، وكذلك الإضاءة، والتحريك، والتصيير، وتعديل الألوان، والتركيب، ومن ثمّ نأتي إلى تمثيل الشخصية التي تأتي من أجل فهم الناتج النهائي للشخصية، وضرورة مشاهدة متخصّص التحريك للحركة؛ للتقريب إلى الواقع الذي تعيشه الشخصية. قفزة في المشاركات الأفلام المعروضة شملت مناسبات وقصصًا مختلفةً، منها التربوية والدينية والأخلاقية، فما البصمة التي استطعتم تسجيلها في عالم الطفولة؟ تصاعد وتيرة التطوّر التكنولوجي حتمًا سيرافقه تصاعد في صناعة أفلام الطفولة، فتنوّع سمات الصناعة مع الانفتاح على تجارب العالم العربي والغربي شكّل قفزة نوعية في إمكانات المُخرج العراقي الذي يجتهد كثيرًا؛ ليفرض وجوده لعدّة أسباب، أهمّها: أنّ المادّة المقدّمة هي من فئة الأفلام القصيرة في مدّة العرض، إضافة إلى الرسالة الهادفة التي يتمّ ترجمتها في الفيلم وتوزيعها على شخصياته، فكانت لنا فرصة عرض الفيلم في الساحة المحلّية في المناسبات الدينية والنشاطات التربوية التعليمية، مثل فيلم (أحمد والقمر)، الذي عُرِض في رياض العميد للأطفال، بصفته مادّة تعليمية وترفيهية للطفل، وفيلم (الخلاص)، إضافة إلى مجموعة من أناشيد الرياحين، وتعدّ دخولًا حقيقيًا في مرحلة جديدة من نوعية الإنتاج وكفاءته، مع الإصرار على إيجاد أفلام الرسوم المتحرّكة المنتجة بأيدٍ أمينة منعًا لدخول الأفلام الأجنبية التي تحمل عنوانات تتنافى مع الثقافة والبيئة الإسلامية والعربية. أفلام تمثّل العتبة (الواقعي) و(اللاواقعي)، مصطلحات حديثة في عالم الطفولة، ما الخطوط العريضة التي اعتمدتموها في هذا المضمار؟ خاصّية الـ(ثيمة) أوالـ(ستايل) داخل العمل، هو جزء لا يتجزّأ عن أيّ إنتاج، وقد حدّدنا مسبقًا ما نعمل في إطاره، وهي المنطقة الواقعة بين الواقعي واللاواقعي، فأنّ لكلّ مشروع (ثيمة) أو (ستايل) محدّدًا يتمّ تحديده قبل الشروع في العمل، فمثلًا ستايل فيلم (ثلاثية الماء) يقع في المنطقة العامّة ذاتها ويقترب بعض الشيء من الفانتازيا. ونعمد دائمًا إلى قراءة الواقع الفنّي، ومشاهدة العديد من الأفلام العالمية، وهذا يولّد للمخرج العديد من الأسئلة والوقفات، فنجد أنّ الدول الغربية تعمد إلى إنتاج أفلام للأطفال من عمر السنتين، وهي مرحلة بداية الوعي للطفل؛ لأنّ مادّة الفيلم تقدّم رؤية ثقافية ناضجة؛ لذا تعمد العتبة العبّاسية المقدّسة إلى أن تكون جلّ أفلامها مصدرًا مهمًّا من مصادر التربية الدينية والثقافية والأخلاقية السليمة في الحياة، وكذلك التعريف بهويّة الطفل العربية والدينية. الصناعة المستوردة ما الحلول العلمية لإعادة دورة العمل إلى طبيعتها في ظلّ العولمة، وانشغال فئة الأطفال عن الأفلام؟ انشغال الأطفال بشيء محدّد يشير إلى توافق هذا الشيء مع ما ينجذب نحوه الطفل بصورة عامّة، والحلّ العملي تجاه هذا الموضوع هو إنشاء جهات تعنى بالدراسات العلمية التجريبية؛ لغرض تشخيص الأساليب التي يمكن بواسطتها جذب الأطفال بصورة أفضل، ويا للأسف الشديد لا يوجد لدينا حديث عن هذه المواضيع، فضلًا عن المبادرات، فتصبح مسألة انجذاب الطفل نحو الثقافات الأخرى مسألة حتمية غير قابلة للإنكار. جهود متضافرة مرتبة الدول العربية في مجال صناعة الأفلام هي عند الرقم (صفر) بالمقارنة مع الدول الأجنبية، ما قراءتكم لهذا الرقم في صناعة الأفلام؟ أجد أنّ الرقم (صفر) أفضل من الأرقام السالبة، وهذا بحدّ ذاته رسالة إلى القائمين على هذا المجال، فعلى سبيل المثال شركة (Walt Disney ـ والت ديزني) تمتلك أكثر من (55) ألف موظّف، ووضع معلومات ودراسة كهذه في حيّز التفكير، أو مناقشة الدراسة مع العاملين في الاستوديو كفيل بأن يغيّر الرقم من صفر إلى مراتب متقدّمة؛ لأنّ المؤسّسات الفكرية العربية عمومًا والعتبات المقدّسة بخاصّة، تسعى إلى إيجاد حلول لمشكلات الطفل، فيولد ذلك الإصرار على إيجاد رسوم متحرّكة تُنتَج محلّيًا حفاظًا على الأجيال القادمة من جوانب سلوكية وفكرية دخيلة، وأجدها جميعها مقوّمات مُهمّة، وفي المرتبة الأولى بصفتي مخرجًا. بتصرّف يحتاج الفنّ السابع إلى الأدب، والذي يتمثّل بالكاتب والسيناريست، فهل وجد ستوديو (الجود) مبتغاه من الكتّاب؟ الفنّ السابع له الكثير من الإبداعات التي يمكن عن طريقها صنع حراك ذي نوعية مميّزة، وبعد أن يجهز النتاج الفكري المسؤول عنه الكاتب في نقل الرسالة الثقافية، ينقل لنا عملًا ثقافيًا، وأمّا صفة الحضاري فتكون من مسؤولية المخرج، إضافة إلى أنّ الفكر العربي يحوي على العديد من الوقفات الإنسانية والأخلاقية والتربوية التي باستطاعتها أن تكون مادّة تتوافر بها العديد من مقوّمات الحبكة والإبهار السردي، فقد تكون الثقافة العربية في بعض الأحيان مصدر إلهام لعدد من دول صناعة الأفلام، وهذا دليل على الغنى المعرفي الذي تمتلكه الثقافة العربية، فيؤخذ منها، ولكن بتصرّف. دعوة إلى التعليم الذاتي سُئِل المخرج (كوينتن تارانتينو): هل أنتَ بحاجة إلى شهادة جامعية لدخول عالم صناعة الأفلام؟ فأجاب: عندما يسألني الناس: هل ذهبتَ إلى مدارس صناعة الأفلام، فأقول لهم: لا، لم أذهب إلى مدارس صناعة الأفلام، بل ذهبتُ إلى الأفلام ذاتها. أحمد ماميثة ما تعليقه على مقولة تارانتينو؟ في الحقيقة الاختصاص والشهادة الأكاديمية لهما دور في صقل الشغف ومعرفة الخطوط العريضة لصناعة الأفلام، إلّا أنّ المجال هو مجال فنّي إبداعي بحت، فالرسّام ما يجعله رسّامًا هو اللوحة الفنّية التي رسمها لا شهادة دورة الرسم، وفي صناعة الأفلام القراءة والتحليل هما الأساس في هذه الصناعة، ومشاهدتها مشاهدة متمعّنة مليئة بالتدقيق، ومحاولة فهم القواعد التي بُنيت عليها المشاهد والحوارات وترتيب القصّة، هنا تكون قد اجتزتَ سنين فيما يحاول غيركَ دراسته في كلية السينما، ونصل إلى فكرة التعليم الذاتي التي أعدُّها الخطوة الأولى للشاب في بداية طريقه إلى صناعة الأفلام، ثانيًا: تحديد الهدف عن طريق المساقات الموجودة في هذه الصناعة، إمّا كاتب سيناريو، أو مصوّرًا سينمائيًا، أو مهندس الصوت، أو مسؤول الإضاءة، وغيرها من التخصّصات، فعن طريق البحث وتحديد الهدف يمكن أن تتحوّل هذه المهامّ في صناعة الأفلام إلى وظائف وتخصّصات يعنى كلّ منها بجزء معين ليتشكّل في النهاية عمل لكلّ شاب طموح يبحث عن إثبات الذات في عمل فنّي متكامل الأجزاء. شغف عمره أكثر من عشرين عامًا، ولا يزال موجودًا بزخم أكبر، فكلّما وُلِدت شخصيات تحمل في جعبتها العديد من الرسائل التي تتنافى مع الثقافة الإسلامية، تلد فكرة، وسيناريو، ورسمة، يرعاها مركز (الجود) لصناعة الأفلام.